علاء فاروق: ليبيا على صفيح ساخن بعد تشكيل حكومة جديدة

 

حوار: محمد عبد الشكور

أكد الكاتب الصحفي والباحث السياسي المتخصص في شؤون المغرب العربي، علاء فاروق أن المشهد الليبي يشهد حالة تطور كبيرة بعد منح البرلمان الليبي الثقة لحكومة جديدة، متوقعا عودة حالة الانقسام السياسي مرة أخرى، لكنه استبعد عودة الحروب والصدام العسكري..
وإلى الحوار:
*بداية ما آخر التطورات الحالية في دولة ليبيا؟
-المشهد الليبي يشهد تغيرات كل يوم تقريبا.. أن عن آخر التطورات السياسية فهو قرار مجلس النواب الليبي منح الثقة لسلطة تنفيذية جديدة برئاسة وزير الداخلية السابق، فتحي باشاغا ومن ثم إنهاء مهام حكومة الوحدة الوطنية برئاسة، عبدالحميد الدبيبة والتي جاءت نتيجة توافقات محلية ودولية في جنيف.. وهذا أبرز حدث يشغل بال الليبيين الآن بعدما شغلهم قرار تأجيل الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني لأجل غير محدد.
*وما توقعاتك لتداعيات تشكيل حكومة جديدة على المشهد العام في البلاد؟
وجود سلطة تنفيذية جديدة بثقة من المؤسسة التشريعية في البلاد هو إشكالية جديدة في المشهد العام والسياسي في ليبيا كون الحكومة المدعومة دوليا رفضت بقوة تسليم السلطة للحكومة الجديدة معتبرة إياها حكومة موازية تمثل طرف وحيد من أطراف الصراع، بل وهددت حكومة الدبيبة أي محاولة من الحكومة الجديدة بالاقتراب من مؤسسات الدولة ومباني الوزارات ما يعني احتمالية الصدام كون حكومة باشاغا ليها مؤيدون في الغرب الليبي.. لكن ظهور مجموعات مسلحة بعضها ميليشيات ترفض حكومة باشاغا وتدعم الدبيبة حتى إجراء انتخابات في يونيو المقبل جعل فرص تواجد الحكومة الجديدة في العاصمة طرابلس صعبا بل مستحيلا.
*وماذا عن الدور الدولي في الأمر؟
_الدور الدولي في ليبيا يتم التعبير عنه عبر مسارين أساسيين: البعثة الأممية في ليبيا وكذلك عبر المبعوث الأميركي للبيت الأبيض بشأن ليبيا “نورلاند” والإثنين حتى إجراء هذه المقابلة لم يقدما أي تعليق على خطوة البرلمان بمنح الثقة لحكومة جديدة، واكتفى المجتمع الدولي بتفرعاته ومواقفه المتباينة بمطالبة كل الأطراف بالتهدئة وعدم الصدام والحفاظ على زخم الانتخابات، ما يجعلني اصف هذا الموقف بالضبابي وهو ما يساهم أيضا في إرباك المشهد برمته.. لكن وبكل صراحة دائما المجتمع الدولي يدعم الأقوى ناهيك عن الإجراءات التي جاء بها

*ماذا تقصد بدعم الأقوى.. هل يدعمون باشاغا أم الدبيبة؟
_يعني استراتيجية القوى الدولية هو الانتظار حتى يروا من المسيطر والأقوى على الأرض سياسيا وعسكريا ومناطقيا ثم يبدأون بالتقارب معه ثم دعمه وإضعاف خصمه بعدما يضمنون تحقيق كامل مصالحهم من وراء الجسم الجديد.. ومن الصعب الآن التكهن إلى أي معسكر سينضم الأميركان أو بعثة الأمم المتحدة
*وهل تعود ليبيا إلى حالة الانقسام مرة أخرى أو الحروب؟
_الانقسام وارد جدا مع وجود حكومتين الآن.. لكن الحروب مستبعدة كون الجميع محليا ودوليا يرفضون عودة التصعيدات العسكرية كمرة أخرى كون الحل العسكري لم يجدي نفعا ولم تكن له إلا نتائج كارثية على البلاد والعباد وهو خيار مستبعد على الأقل في هذا التوقيت.. لكن بخبرتي في هذا الملف الشائك أستطيع القول أن كل شيء وارد ودائما نردد: من ليبيا يأتي الجديد
*وماذا عن الدور الاقليمي ودور دول الجوار في تهدئة الأوضاع؟
_دول الجوار داعمة بقوة لحالة الاستقرار والتهدئة كون هذا سينعكس على حدودها وعلاقتها بليبيا.. وهناك لجنة رباعية على مستوى وزراء الخارجية تنعقد بشكل دوري لبحث الملف الليبي، وإن كانت الرؤى بين دول الجوار متباينة في بعض الملفات في ليبيا لكنها تتفق جميعها على ضرورة الحفاظ على وحدة البلاد ومؤسساتها والوصول إلى انتخابات حقيقية ينتج عنها مؤسسات ليبية منتخبة ورئيس للبلاد.
*وماذا عن الدور المصري؟
_الدور المصري واضح جدا منذ اتفاق الصخيرات الموقع في دولة المغرب 2015 وكانت داعمة لحكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي، ثم مرت البلاد بقراءة خاطئة للأحداث هناك ودعمت معسكر الشرق الليبي على حساب علاقتها بطرابلس ما أثر في العلاقات بين البلدين، لكن مع وجود حكومة الدبيبة عادت العلاقات قوية ووقعت مصر أكثر من 15 اتفاقية مع الجانب الليبي بخصوص إعادة الإعمار وقطاع الكهرباء والطاقة والصحة، ولاتزال مصر قادرة على القيام بالمزيد من أجل دعم الاستقرار والتهدئة وأعتقد هذا خيار الحكومة المصرية الآن وأنها تقدم كل الدعم لتحقيق ذلك.
*مؤخرا حدثت مشكلة بين الخارجية الليبية ونظيرتها المصرية..ما الأسباب؟
_الأسباب هي تصريحات من قبل إعلامي مصري عبر برنامجه على إحدى القنوات الخليجية أن ليبيا بالنسبة لمصر مثل أوكرانيا بالنسبة لروسيا وهو ما فهمته الحكومة الليبية أنها تعد واضح على سيادتها وتحريض ضدها، ما دفع الخارجية الليبية استدعاء القائم بأعمال السفير المصري في طرابلس لبحث هذه التصريحات والتي أكد أنها لاتمثل الموقف الرسمي للدولة وأن هذا الإعلامي لا يمثل الدولة ولا مؤسساتها الإعلامية الرسمية وتم احتواء الموقف.
*وهل تؤيد الدولة المصرية طرفا بعينه الآن في ليبيا؟
_الآن لا.. مصر منفتحة على جميع الأطراف وقراءتها تبدو واضحة ونود أن تستمر على هذا التوجه كون كثيرون يراهنون على الدور المصري في ليبيا كونها جارة وتربطها علاقات تاريخية بليبيا.
*وبصفتك خبير في الشأن الليبي.. ما توقعاتك لمستقبل الأزمة الراهنة؟
_لقراءة المستقبل دعنا ننظر للحاضر وهو تهدئة على المستوى العسكري واتفاق لوقف إطلاق النار والتصعيدات العسكرية لازال صامدا وهو أمر جيد بخصوص استبعاد خيار الحروب والصدامات العسكرية، لكن سياسيا توجد إشكالية وإرباك بعد وجود حكومة أخرى ورفض الحكومة الأولى تسليم المهام إلا لحكومة منتخبة وتؤكد أن مدتها تنتهي في يونيو المقبل وليس الآن، وسط إصرار من البرلمان الليبي على تغيير هذه السلطة الآن ما يجعلنا نتوقع وجود مؤسسات موازية تسبب إشكالية في تقديم الخدمات والمرتبات وإن طالت فربما يكون الصدام المسلح الجزئي في بعض المناطق واردا جدا..
لذا على كل الأطراف في ليبيا تغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية والحزبية والمناطقية والنظر إلى مستقبل بلادهم بتنيظم انتخابات في أقرب وقت لتنتهي كل الأجسام الحالية من برلمان ومجلس دولة وحكومات كون استمرار هؤلاء في المشهد هو أحد الأزمات في ليبيا وأغلبهم لازالوا يمارسون العرقلة ليستمرا في مناصبهم أكبر وقت ممكن لذا نناشهدهم دوما بالقول: “أليس منكم رجل رشيد؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى