عندما يتحدث الجاهل !! بقلم علاء حمدي قاعود

بدايةً أود أن أوضّح أن لفظة “الجاهل” ليست سُبّة أو إهانة فكلنا جاهلٌ على نحو ما بأمر ما ورسالتي هذه إلى أولئك الذين يجهلون أمورًا أراها من البديهيات التي لا تغيبُ ان أولي الألباب الذين يُعمِلون عقولهم ويفكرون في حين أن جاهلا هنا أو هناك ممن ركن إلى متعة الكسل وعدم التفكير وبهجة تسليم عقله إلى سواه ليفكر نيابة عنه لأن ذا الجهالة في الجهالة ينعمُ هذا النمط من البشر يحتاج إلى أن “تُسقى” له المعلومة (البديهية) بالملعقة لكي يفهمها
هذا هو الجاهل عندما يتحدث ويتكلم فتتضح حقيقته وحقيقة ما بداخله الفارغ الأجوف وأنه لا قيمة له ولا عمل له يذكر وليس إلا مجرد صنيعة داخل عقول مراهقين ظنوا أن الرجل ذات قيمة وشأن وعلم ومعرفة وصاحب مشروع وطنى فحولوه مثل كفار قريش إلى صنم من الحلوى أو الحجارة لا ينفع ولا يضر لكنهم رأوا فيه «الزعيم» لعله ينطق ويصبح ذا فائدة وشأن ظنوا فيه الزعامة والوطنية الحقيقية أو هو الثائر لكنه لم يكن إلا قليل الحيلة جعلوا منه «خيال مآته» فى الظلام.
اختبأ خلف هالة زائفة وقيمة مصنوعة من الخارج وللأسف من الداخل أيضًا لم نسمعه يتحدث إلا قليلًا ويمر عبر كلمات لا تكشف عن شىء يمكن أن نحكم به عليه ونحدد معالمه وملامحه الشخصية والسياسية.
لم يتحدث فى البداية حتى نراه كما قال الفيلسوف اليونانى سقراط، ذات يوم عندما كان يجلس بين تلاميذه يتبادلون الكلام ويتناقشون وأثناء ذلك جاء أحدهم وهو يتبختر فى مشيه يزهو بنفسه وسيمًا بشكله فنظر إليه سقراط مطولًا ثم قال جملته الشهيرة التى أصبحت مثلًا: تكلم حتى أراك.. وعندما تكلم لم يرَه أحد لأنه « تافه».
الشىء ذاته مع الإمام الشافعى فى الرواية المشهورة التى تتردد عنه عندما دخل رجل غريب إلى مجلس علمه دون سابق إنذار أو معرفة، وجلس فى مقدمة «مجلسه الموقر»، وبدت على ملامحه شيم العلماء والأمراء وعلى رأسه الكبير عمامة بيضاء تمنحه هيبة ووقارًا. الإمام الشافعى كان موضوع درسه عن الصيام فلما وصل إلى وقت الصيام قال: إن الصيام هو من أذان الفجر إلى غروب الشمس عندها سأله الرجل الغريب: وإذا لم تغب الشمس يا شيخنا فمتى نفطر؟.. استغرب الشافعى وقال قولته المشهورة «آن للشافعى أن يمد قدميه».
وقديمًا أيضًا قال الإمام على بن أبى طالب- كرم الله وجهه-:الرجال صناديق مغلقة مفاتيحها الكلام.. كلمات قالها الإمام فيلسوف الإسلام للتعريف بشخصية الإنسان.
فالكلام يحدد أى الرجال أنت عاقل أم أحمق.. متزن أم متهور حكيم أم موتور.. مسؤول أم أهوج.. صاحب رأى أم إمعة، إن قال الناس قلت وإن صمتوا سكنت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى