حكاية البطل المصرى صائد مدرعات العدو الذى فقد بصره بعدان أسر قائد اسرائيلى ..حكايات من سجل الشرف
كتب حسام الليثى
“فقدت بصرى على أرض سيناء فى حرب أكتوبر وأرى مصر بقلبى وروح النصر تلازمنى “بهذه الكلمات بدأ فايز يوسف حنين أحد أبطال حرب 6 أكتوبر والذى يقيم بمدينة ناصر شمال بنى سويف حديثه مسترجعا ذكرياته عن مشاركته فى العبور العظيم”.
وقال فايز يوسف: “حصلت على دبلوم الزراعة والتحقت بالقوات المسلحة جنديا بسلاح المدرعات واحترفت الرماية ضمن طاقم دبابة بمنطقة الإسماعيلية، واندلعت حرب السادس من أكتوبر العاشر من رمضان، وكنت أصوم وأفطر مع أشقائى المسلمين احتراما لمشاعرهم ولكوننا شركاء فى الدفاع عن وطن واحد، واحتدم وطيس المعركة وكلما حاول طيران العدو الإسرائيلى الاقتراب من سماء الإسماعيلية أطلقنا عليه وابلا من النيران وطاردناه”.
وفى العاشر من أكتوبر صدرت لنا الأوامر بالمشاركة فى تطوير الهجوم داخل سيناء وخلال تحركنا انقطع جنزير دبابتى وأصلحته الورشة الميكانيكية، لنواصل السير خلف قوات المشاة المتقدمة فى عمق سيناء، التى شهدت أضخم معركة دبابات فى تاريخ الحروب، تلك التى تم خلالها أسر القائد الإسرائيلى عساف ياجورى، إذ اطلقنا قذائف على مسافات لتمهيد الطريق أمام القوات المتقدمة، واشتبكنا مع قوات العدو ودمرنا الكثير من دباباتهم، وأمام تدافعنا ونحن نردد هتاف (الله اكبر) تملك الخوف من قلوب الأعداء، وعثرنا على دبابة إسرائيلية هرب طاقمها وتركوها تعمل بعد إصابتنا لبرجها، واشتعال النيران بها ولم نتمكن من إيقاف تشغيلها لكونها صناعة أمريكية حديثة”.
وتابع بطل سلاح المدرعات: “واصلنا ليلا الاشتباك ومطاردة الطائرات الإسرائيلية، التى تلقى بقذائفها على القوات المصرية بالمنطقة وغادرت الدبابة لأصنع تجهيزا هندسيا عبارة عن حفرة تقف بداخلها الدبابة، وفوجئنا بقذائف ألقيت علينا، ولم نعرف حينها ما هو مصدرها سواء جوا من الطائرات أم أرضا من دبابة أو فرد مشاة يحمل سلاح الهاون، وأصبت وانتابتنى غيبوبة لم أفق منها سوى بعد أيام، داخل غرفة بمستشفى الإسماعيلية وتم تضميد جراحى وصنع جبيرة لليدين ونقلت إلى مستشفى كوبرى القبة بالقاهرة، وعندما سألت الطبيب عن سبب عدم رؤيتى لأى شىء حولى، رد قائلا “قول يا رب”، وتم تحويلى بعد ذلك إلى مستشفى حلمية الزيتون لإجراء أشعة والعرض على بعض الأطباء، وزارنى قائد وحدتى وترك معى جنديا لمرافقتى وفى طريق العودة إلى كوبرى القبة، سألت المرافق عن المكان الذى نسير به وأخبرته عن وجود أحد أقاربى بتلك المنطقة وبالفعل توقفت السيارة وسأل الجندى المرافق لى أحد الأهالى عن اسم قريبى وتمكن من الوصول إليه واصطحابه وإحضاره، وبعد اطمئنانه على حالتى طلبت منه الاتصال بأسرتى فى مركز ناصر ببنى سويف وإخبارهم بوجودى بمستشفى كوبرى القبة”.
واستطرد: “صباح اليوم التالى التقيت أسرتى ليجدوننى فاقدا البصر، مع بتر بأحد أصابعى وكسور باليدين وجروح قطعية بالبطن وضعف فى السمع لأعود بعد ذلك إلى حلمية الزيتون، وسافرت أثناء فترة علاجى بها إلى رومانيا ليوقع الأطباء الكشف الطبى على عينى ولكنهم لم يتمكنوا من تقديم شىء سوى نظارة تعمل بنظام تحويل الضوء إلى صوت اتعرف من خلاله على الأماكن، ولكنى مع مرور الوقت قررت الاستغناء عنها لتأثير الصوت على طبلة الأذن، خاصة أنى أعانى ضعف السمع، وبعد عام من انتهاء الحرب أجريت بمستشفى القوات المسلحة بالمعادى، عملية ترقيع بطبلة الأذن، ولاحظت بعد عامين من إصابتى وعودتى إلى المنزل وجود رشح مستمر بالأنف وعرضت على أخصائى مخ وأعصاب وأجريت تحاليل وأشعة أثبتت وجود ثقب بالمخ تسرى منه المياه إلى الأنف وأجريت جراحة لغلق الثقب استلزم معها عمل غرز بعرض رأسى ما زالت آثارها موجودة حتى الآن”.
وعن تكريم الدولة لأبطال أكتوبر أكد فايز يوسف أن إدارة المدرعات كرمته منذ خمس سنوات فى شهر رمضان ومنحته مبلغا ماليا، كما حصل على موافقة محافظ بنى سويف على تعيين أحد أبنائه بنظام التعاقد فى الوحدة المحلية لمركز ومدينة ناصر منذ أكثر من عامين، وذلك خلال تكريمه فى الاحتفال السنوى لجمعية المحاربين القدماء بالمحافظة، كما كرمه المحافظ شريف حبيب ومنحه درعا وشهادة تقدير فى احتفالية نقابة ذوى الإعاقة بانتصارات أكتوبر العام الماضى.
وأتم: “تزوجت ابنة عمى وكونا معا أسرة تضم 6 أبناء، زوجنا أربع بنات وأنجبن أحفادا لنا، ونعد حاليا لزفاف أحد أبناءنا، بينما يقضى الآخر فترة تجنيده، ورغم فقدى البصر إلا أن روح انتصارات أكتوبر تلازمنى، فأشارك فى بعض الأعمال المنزلية وأصلح أعطال الثلاجات ومراوح التهوية، والسباكة.