بسبب فيديو .. تفاصيل مقتل شخص بطلق ناري على يد جيرانه بدار السلام بسوهاج
كتب علاء حمدي قاعود
آخر ما كان ينتظره علاء أن تكون نهايته على يد جيرانه، وهو وأسرته لم يدخلوا يومًا مشكلة مع أحد، ينطبق عليهم القول الدارج، «عايشين في حالهم»؛ ولكن لم يتخيل علاء أن حلم الأبوة الذي ظل يسيطر عليه لسنوات منذ زواجه سيكون سببا في مقتله على يد جيرانه من أبناء قريته الذين تربصوا به وعقدوا النية على التخلص منه، لكن ظل التنفيذ مؤجلا بسبب عمله خارج البلاد إلى أن حانت الفرصة لهم بعد نزوله في إجازة لإجراء عملية حقن مجهري لزوجته بحثا عن حلم الأبوة،لكن القدر لم يمهله لتحقيق حلمه بعد أن نفذ جيرانه المعروفون بالمشكلات مخططهم وقتلوه بدم بارد دون أن يطرف لهم جفن أو تهتز شعرة في رؤوسهم.. ما سبب الخصومة؟!، ولماذا تطورت إلى جريمة قتل؟!.. هذا ما سنتعرف عليه في السطور التالية
الحكاية بدأت في إحدى قرى دار السلام، بمحافظة سوهاج؛ حيث عاش علاء محمود بطل قصتنا مع أسرته الصغيرة المكونة من أب وأم وأخ أصغر منه بعامين فقط وشقيقة.. توفى الأب والأم وأصبح علاء وشقيقيه وحدهم في الدنيا، فقرر علاء أن يتحمل المسئولية منذ صغره، خلع عباءة الرفاهية وارتدى عباءة الشقاء وراح يبحث عن العمل من أجل كسب لقمة العيش بالحلال، كان شابا مكافحًا بنى نفسه بنفسه، كان هو وشقيقه في حالهما، ليس لديهما أي خلافات أو مشكلات مع أحد، الكل يشهد لهما بالطيبة وحسن الخلق.. يأملان أن يعوضهما الله ويكونان في مكانة كبيرة.
وفي يوم من الأيام جاءت فرصة عمل لعلاء بالخارج، فشد الترحال وودع أهله وشقيقه وارتمى بين أحضان الغربة، منذ ١٥ عاما، حتى استطاع أن يكون نفسه ويجهز عش الزوجية، ومثله مثل أي شاب أكمل نصف دينه وتزوج من فتاة أحبها وأحبته، عاش الاثنان أيامًا من السعادة والفرحة، لكن سرعان ما تبدلت فرحتهما لحزن عندما علم علاء بأن هناك مشكلات صحية في الإنجاب وأن الدواء سيأخذ وقتًا طويلا وهو يريد أن يرى أول مولود له، ظل حلم الأبوة يسيطر على علاء، لا يريد سوى أن يرزقه الله بسند له، يريد أن يكون لنفسه عائلة كبيرة من الأطفال، حتى لا يكون وحيدًا في تلك الدنيا هو وشقيقيه.. سافر علاء للغربة مجددًا، تاركًا شقيقيه وزوجته، إلى أن بدأ شقيقه يشكو من سوء معاملة جيرانه له وافتعال المشكلات معه بلا سبب، وترهيبه بالسلاح الناري، وعندما ضاق به ذرعًا استغاث بشقيقه في الخارج، وقف علاء حائرًا لا يدري ماذا يفعل وهو في الغربة، كيف يقف بجانب شقيقه، فهداه تفكيره إلى الاستغاثة بوزارة الداخلية من خلال فيديو نشره على صفحته على الفيس بوك مدعمًا كلامه بفيديوهات لجيرانه وهم معهم سلاح ناري يرهبون به أهالي القرية ويفتعلون معهم المشكلات ويرغبون في فرض سيطرتهم على المنطقة، لم يكن ذلك المسكين يدري أن هذا الفيديو الذي نشره بحسن نية لمجرد فقط أن يكون فعل شيئا ولو صغيرًا لشقيقه، سيكتب السطور الأخيرة في حياته، فبمجرد أن شاهده جيرانه، سيطر الحقد عليهم وقالوا إنه يشهر بهم، فقرروا الانتقام منه، رسموا خطة محكمة ليشفوا غليلهم، انتظروا الفرصة المناسبة للتنفيذ.
مرت الأيام والأسابيع حتى وصلت لثلاثة أشهر، ومازالت فكرة الانتقام تسيطر على هؤلاء الجيران، يحلمون ليلا ونهارا بتلك اللحظة التي يثأرون فيها لمكانتهم وهيبتهم وسط الأهالي، وشاء القدر أن ينزل علاء في إجازة لكي يجري عملية حقن مجهري لزوجته ويحقق حلم الأبوة الذي ظل ينتظره لخمس سنوات منذ أن تزوج.. فرح الجيران بالخبر وأدركوا أنهم على بعد خطوات من تنفيذ مخططهم.
يوم الجريمة
عقارب الساعة تشير للثانية عشر ظهرا، علاء يجلس داخل بيته في أمان يستعد للذهاب للطبيب الذي سيجري لزوجته عملية الحقن، افتعل أحد الجيران مشكلة مع طفل صغير وهو ابن شقيقته، أثناء لعبه في الشارع أمام البيت، وتعدى عليه بالضرب، فخرج علاء ليعرف سبب المشكلة ولماذا يتعدى على طفل صغير لا يفقه في الدنيا شيئا سوى اللعب وأكل الحلوى، وكأن مشكلة الطفل ما هي إلا مخطط لاستدراج علاء للخارج وتنفيذ خطة الانتقام منه، وبدون أي مقدمات وقبل أن يُنهي علاء جملته لماذا ضربت الطفل، أخرج المتهم سلاحه الناري وأطلق على علاء الرصاص وأسقطه غارقا في دمائه بلا أي ذنب ودون أي مقدمات، خرج الأهالي من بيوتهم على صوت الرصاص مفزوعين لمعرفة ماذا يحدث، فكان المشهد كالتالي؛ علاء غارق في دمائه على الأرض، والمتهم حاملا السلاح الناري، وظل يطلق الرصاص في كل مكان لدرجة أنه اخترق باب أحد البيوت ومازالت آثاره موجودة حتى الآن، وكأنه مشهدا سينمائيا والأهالي في حالة رعب وخوف، لا يقوون على الاقتراب من الشاب المسكين الغارق في دمائه لإنقاذه.
ما حدث رصدته كاميرات المراقبة، وصوره الأهالي من داخل شرفة بيوتهم، إلى أن حاول الأهالي إنقاذ علاء ولكن بلا فائدة، فقد صعدت روحه للسماء، تاركا زوجته وشقيقه وشقيقته، دون أن يحقق حلمه ودون أي ذنب.
حالة من الحزن سيطرت على أسرته، لفقدان هذا الشاب الذي مازال في ريعان شبابه، وودعه الأهالي في مشهد جنائزي مهيب حضره الكبير والصغير، مات علاء وذهبت أرملته لمنزل أسرتها في المنيا، تاركة شقتهما بذكرياتهما سويا، تاركا شقيقه وحده داخل البيت الذي رسم الحزن خيوطه فيه، وأصبحت أسرته لا تتمنى سوى القصاص العادل وعودة حق المجني عليه.
بلاغ
تلقى اللواء محمد شرباش، مدير أمن سوهاج إخطارًا من مركز شرطة دار السلام بورود بلاغ بالعثور على جثة شاب مصاب بطلق ناري دائرة المركز.
على الفور انتقل رجال المباحث لمحل البلاغ، وتبين مصرع علاء محمود، ٣٧ سنة، مصاب بطلق ناري، وسؤال أسرته اتهموا أحد جيرانه بقتله.
تشكل فريق بحث وتمكن رجال المباحث من إلقاء القبض على المتهم، وأمرت النيابة بالتحفظ على كاميرات المراقبة الموجودة بالمكان لتفريغها وكشف ملابسات الحادث، وتولت النيابة التحقيق، وأمرت بحبس المتهم على ذمة القضية ومازالت التحقيقات مستمرة.