إبراهيم العمدة يكتب: صحي النوم يا رئيس الوزراء
لا يزال ملف الصحة يحتاج الكثير من المجهودات، فالأوضاع في كثير من المستشفيات تحتاج إلى مشرط جراح إداري يفرض عليها تصحيحًا اضطراريًا.
المسئول الأول إداريًا أمامنا الآن هو الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة، وهناك مسئولية على الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، طبقًا لمسئولياته في المستشفيات الجامعية.
بعد أن حددنا المسئوليات، سنُلقي الضوء هنا تباعًا على ملفات يجب أن تُفتح فورًا والتأخير فيها يعني كوارث.
منذ نحو أسبوعين، أطلقنا تحذيرات أن تفاقم ما يحدث في معهد ناصر ينذر بكارثة، وكان الجميع صم بكم عمي، وأشرنا بوضوح إلى معقل الخلل وهي الكامنة في المشاكل بين الإدارة وبعض أطباء الطوارئ، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار حساسية هذا القسم، وأن خطأ واحد منه كفيل بإنهاء حياة أعداد مؤلفة، وشددنا في مقالنا على ضرورة أن يتابع هذا الملف رئيس الوزراء شخصيًا وبنفسه، حتى لا تكون ضربة نذر بانهيار هذا الصرح الطبي العظيم والكبير “معهد ناصر”.
طرحت السؤال، ولا يزال السؤال قائمًا..ما سبب وسر استقالة أكثر من 20 طبيبًا من قسم الطوارئ، في الوقت الذي بحث فيه أزمة رحيل الأطباء عن وزارة الصحة، والسفر للخارج، وهي أزمة قومية ناقشها مجلس النواب في العديد من جلساته خلال الفترة الأخيرة.
الغريب أن الأطباء الذين استمروا ولم يستقيلوا تعرضوا لتهديدات بفصل التعاقد ، ليبدو المشهد واضحًا أمام الجميع أن هناك من يريد أن يزرع فتنة في هذه المرحلة الخطيرة من عُمر مصر في أحد أكبر الصروح الطبية في القاهرة.
ولنقوم بدورنا قلنا إن من واقع ما رأيناه في المعهد فإن الأزمة أن مركب الإدارة لها أكثر من رئيس، من مثل مدير المعهد ونائب رئيس الأمانة العامة للمراكز الطبية المتخصصة ، وبالتالي طبيعي أن تتضارب القرارات.
الطامة الكبرى، أنه بدلًا من إرسال لجان للمعهد لتقصى الحقائق وإنقاذ سمعة الصرح الطبي العملاق، امتدت الأزمات إلى فصل التعاقد لبعض أطباء الطوارئ، لكن المثير أن السيد وزير الصحة زار مستشفى معهد ناصر بعد هذه الأحداث بأسبوع، دون أن يبحث الأزمة، أو حتى يرد على ما أثرناه، وبما أنه لم ينف القصة من بابها، فمن دوره حسب القانون إما أن يُحاسب أو يقول للرأي العام..ماذا يحدث في معهد ناصر.
*أمر آخر لا نجد لها تفسيرًا من خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، أنه أضاع فرصة كبيرة على سكان وأهالي وادي النطرون في بناء مستشفى تأمين صحي لن تكلف الدولة جنيهًا واحدًا، لأن أحد المواطنين تقدم بطلب للتبرع الشصي بالأرض التي ستقام عليها المستشفى هو وآخرون، ولنطمئن السيد وزير الصحة.. “لدينا صورة من طلب التبرع”، ومعه توضيح وتأكيد أن المُتبرعين مستعدون لتنفيذ كل اشتراطات وطلبات الوزارة لإقامة المستشفى.
وللتوضيح أكثر، فإن الأمر برمته أنه لا يوجد مستشفى تأمين صحي متكامل في نطاق أكثر من ٦ مراكز، وبناءً عليه تقدم المهندس محمود صميدة الفيل، أحد أبناء مركز كوم حماده بالبحيرة ومن المقيمين بالإسكندرية بتبرع بمساحة فدان أرض من ملكه على طريق قرية دست الأشراف العمومي الرابط بين مركز كوم حمادة ومدينة ومركز بدر بالبحيرة، لتخصيصها لإقامة مستشفى متكامل للتأمين الصحي حسب المعلومات التي وصلت إلينا
وقرر أن تبرعه هذا لن يقتصر على الأرض فقط، بل سيتكفل ببناء المستشفى على نفقته بالكود والرسومات التي تحددها هيئة التأمين الصحي بوزارة الصحة وسيقدم المبني تشطيب كامل بالمفاتيح للمسئولين.
هذا الصرح الطبي –حسب موقعه- يخدم أهالي مركز كوم حمادة ومركز بدر ووادي النطرون وغرب النوبارية وإيتاي البارود وشبراخيت والسادات منوفية وأماكن أخرى، ما يعني خدمة طبية لهؤلاء وفي الوقت ذاته تخفيف الضغط عن صروح طبية أخرى لا مجال لحصرها هنا سواء في البحيرة أو الإسكندرية.
وإمعانًا في صدق وجدية طلب التبرع، نفذ المهندس “الفيل” توجيهات لجنة معاينة الأرض ووضع مواسير لقناة مرور مياه ري واستبدل قطعة الأرض بأخرى مع آخرين لتكون مناسبة على الطريق مباشرة وعلى مدار ثلاثة سنوات من العمل الجاد وفرحة من موظفي القطاع الخاص والعام والمعاشات والأمراض المزمنة، كانت الصدمة بورود كتاب المدير التنفيذي للهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل برفض التبرع معللا ذلك بأن قطعة الأرض المشار إليها لا تصلح لبناء المستشفى عليها طبقا لكود بناء المستشفيات.
كيف يتم تغيير مكان الأرض ثم نعود ونقول إن الأرض لا تصلح، وهذا التساؤل نطرحه قبل أن نقول إن القائمين على فكرة بناء المستشفى رصدوا تكلفه مائة مليون جنيه مبدئيًا لبناء المستشفى، وبالتالي فإن فكرة إغلاق الباب أمام الفكرة ليس مقبولة على الإطلاق، ولصالح من حرمان الأجيال في هذه المناطق من الخدمة الصحية.
السؤال لا يزال مطروحًا.. لصالح منّ “تطفيش” المتبرع، مع العلم أن لجنة الإدارة المحلية ومن بعدها لجنة التأمين الصحي بالبحيرة وقطاع الجنوب قد وافقا من قبل على إقامة المستشفى.
لسنا في حاجة للتأكيد أن التبرع بقطعة أرض مساحتها فدان، ومعها 100 مليون جنيه يعني أن هناك جدية في الأمر، ونلفت النظر إلى أن هذه المساحة والمبلغ كفيلان ببناء صرح طبي خاص “يمص دماء الغلابة”، ونتساءل لصالح من هذا.
سؤال أخير موجه ، لوزير الصحة والسكان، خالد عبدالغفار إذا كان هناك خلل إداري لا تحقق فيه أو بالأحرى تحيله للتحقيق في معهد ناصر، ولا تقدم الوزارة أدنى مجهود في إقامة مستشفى لن تحتاج سوى كلمة، فنسألك على طريقة الراحلة ماري منيب في مسرحية إلا خمسة.. “أنتي جاية هنا تشتغلي إيه”.
[email protected]