الدكتوره ناديه حلمي تكتب .. رسالة لقادة الخليج والرئيس السيسى والإيرانيين

 الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف… تقدم:

 

رغبة الصين رسمياً فى تبنى مصالحة شاملة بين إيران ودول الخليج العربى ومصر وفق شروط وتسويات سياسية ملزمة لإيران وللجميع بضمانات صينية

مقترحاتى التحليلية الشاملة التى غطت جميع وكافة جوانب عملية إجراء المصالحة الشاملة بين الخليجيين وإيران… والمقدمة منى رسمياً لصانع القرار الصينى ووزارة الخارجية الصينية لتحليل آليات

الدور الصينى فى إدارة (حوار خليجى – إيرانى)، عبر بناء منصة حوار متعددة الأطراف لمنطقة الخليج العربى وإيران بجهد مصرى رسمى فى كافة مراحله وبدور قوى مصرى رسمى من الرئيس “السيسى”

مرفقاً بكلمة خاصة موجهة منى إلى قادة الخليج العربى وفخامة الرئيس المصرى “عبد الفتاح السيسى

ومرفقاً بتوجيهى رسالة وكلمة خاصة للجانب الأمريكى الرسمى، وبالأخص وللإدارة الأمريكية، أخصهم فيها بالقول، قائلة للأمريكان نيابةً عن شعوبنا المسالمة والمنطقة

نحن حقاً شعوب مسالمة تبغى السلام وتصر عليه لا الحرب، وما أقدمه اليوم من عمل وطنى بالأساس قبل أن يكون أكاديمى، لهو إستشعار منى بالمسئولية القصوى لتجنب المنطقة خطر وويلات الحرب والصراع بين أشقائنا فى الخليج وإيران. ونحن لا يمكننا الإنتقاص من أى دور أمريكى فى منطقتنا العربية كقوى عظمى بالأساس، ولكننا كشعوب قد إخترنا لغة السلام والمحبة وليس الصراع والحرب

وتوصلت الباحثة المصرية الدكتورة/ نادية حلمى، بعد قراءتها المستفيضة للمشهد ولكافة جوانب وأوجه الصراع والخلاف بين إيران وبلدان الخليج العربى وتحليلها له، على أننا يمكننا جميعاً حل هذا الخلاف بين كافة أطرافه، عبر التركيز على الآليات والمحاور التالية التى ستتناولها الدراسة التحليلية المقترحة للباحثة المصرية والمقدمة منى لوزارة الخارجية الصينية، من خلال:

أولاً: الإستناد / الإعتماد الصينى على نظرية المبادأة الإيرانية للرئيس خاتمى فى تحقيق التقارب بين المملكة العربية السعودية والخليج العربى وإيران عبر منصة متعددة الأطراف

ثانياً: رؤية تحليلية مقترحة جديدة – تقدمها الباحثة لأول مرة – لآليات ومحددات الدور الصينى فى حل وإزالة الخلاف المذهبى والطائفى العقائدى الشيعى – السنى) بين إيران والخليج العربى وإيران عبر منصة حوار متعددة الأطراف

ثالثاً: تحليل مقترح للترتيبات والتدابير المؤسسية الصينية لإدارة الحوار والتقارب بين إيران والخليج العربى لحماية أمن المضائق المائية وخطوط الملاحة والأزمات الأقليمية)عبر منصة حوار متعددة الأطراف

رابعاً: تطوير الصين لجوانب ثقافية وتعليمية أخرى للإعتماد المتبادل، وإجراءات بناء الثقة، وتفعيل (الدبلوماسية الشعبية، تبادل الخبرات الفنية، لجان العمل المشترك، توظيف العمالة، دور منظمة المؤتمر الإسلامى عبر منصة حوار ثقافية بين الخليج العربى وإيران برعاية الصين

خامساً: الدور الصينى فى ضبط وتغيير مضمون الخطاب الإعلامى الإيرانى والخليجى السلبى المتحيز تجاه بعضهما البعض عبر إنشاء منصة إعلامية رقابية مشتركة أو مجلس إعلامى رقابى) خليجى – إيرانى مشترك برعاية صينية(…. كحل جديد مقترح للأزمة الخليجية – الإيرانية) يقدم لأول مرة

سادساً: تصور تحليلى عملى لركائز الإستراتيجية المستقبلية للصين فى إدارة حوار خليجى – إيرانى) مؤسسى جماعى برعاية صينية

سابعاً: تقييم سيناريوهات ومسارات الدور المستقبلى للصين فى تحسين إطار العلاقات الخليجية – الإيرانية عبر المنصة متعددة الأطراف

ثامناً: الخلاصة )نتائج الدراسة

هناك إهتمام صينى رسمى كبير منذ عدة سنوات بإجراء مصالحة صينية رسمية حقيقية بين الجانبين الخليجى والإيرانى، وتم تكليفى رسمياً من الجانب الصينى الرسمى فى عام ٢٠٢٠ على إثر زيارة وزير الخارجية الإيرانى (محمد جواد ظريف) للصين فى ١١ أكتوبر ٢٠٢٠ ولقائه بنظيره الصينى وزير الخارجية “وانغ يى” فى مدينة (تينغشونغ) جنوب غرب الصين، على كتابتى لرؤية تحليلية شاملة تغطى كافة ملامح وعناصر الخلاف الخليجى الإيرانى وتحليلى لكيفية حلها والوصول لتسويات سياسية جديدة وحقيقية عصرية وبروح مختلفة برعاية صينية بين الخليجيين وإيران، كرؤية عصرية جديدة كى يتبناها الصينيين بشكل حقيقى عند إجراء عملية المصالحة بين الخليج وإيران، خاصةً بعد إعلان الصين عن تبنيها لإنشاء “منصة حوار متعدد الأطراف” لتهدئة التوتر فى الشرق الأوسط بين جميع الأطراف الإيرانية والخليجية.

ومن هنا جاءت دعوتى ومشاركتى الرسمية من قبل (مركز الدراسات الصينى العربى للإصلاح والتنمية بجامعة شنغهاى للدراسات الدولية وبتكليف رسمى مباشر من وزارة الخارجية الصينية) فى يوم ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٠، لحضور الندوة الإفتراضية بين الخبراء الصينيين والعرب حول الإصلاح والتنمية، وبحضور ممثلين عن وزارة الخارجية الصينية، وكان موضوعها “التعاون فى بناء المجتمع الصينى العربى للمستقبل المشترك وبناء منصة الحوار متعددة الأطراف فى منطقة الخليج”، ودعانى الصينيين لعرض ومناقشة رؤيتى حول:

“سبل كيفية وآلية عمل تسوية سياسية شاملة ومصالحة حقيقية بين الصين وإيران وفق شروط وتسويات سياسية عبر منصة حوار متعددة الأطراف بضمانات صينية”

وكانت تلك فرصة سانحة لى لعمل رؤية دولية عصرية تحليلية شاملة جديدة لا تترك ثغرة واحدة فى ملف إدارة العلاقات بين الصين وإيران كى أقدمها لصانع القرار السياسى فى الصين ووزارة الخارجية الصينية، بحيث يتم تنفيذها على أرض الواقع. وإعتبرت أن ما أقوم به كان عمل وطنى خالص لخدمة قضايا المنطقة والعالم العربى كله، بقيادة صينية لإرساء أسس السلام الحقيقى فى منطقة الخليج العربى والعالم العربى والشرق الأوسط كله.

وبعد إشتداد الخلافات بين دول مجلس التعاون الخليجى وإيران، وبعدما تواردت أنباء عن رغبة البعض منهم فى الدخول فى حرب إقليمية شاملة فى مواجهة إيران بدعم أمريكى وإسرائيلى وربما غربى مباشر، وما تنامى بعدها إلى أذهان الجميع برغبة البعض فى إشراك الجيش المصرى فى مواجهة حقيقية ومباشرة مع إيران عسكرياً. لجأت بعدها مباشرةً إلى الجانب الصينى الرسمى كى أشرح لهم الموقف كاملاً، وما فهمناه جميعاً من لعبة سحب عدد من الإستثمارات الغربية من القاهرة لأسباب إستخباراتية وعسكرية وسياسية بحتة، كنوع من الضغط على القاهرة، لتبنى المؤسسة العسكرية المصرية لخيار المواجهة مع إيران. وهو ما أزعج الصينيين بشدة مما يحدث من تطورات مزعجة فى المنطقة وبين عدد من دول الخليج العربى ومصر. لذلك، كان لابد من التحلى بالشجاعة القصوى من جانبى وبشكل تام كى أطرح على جميع الأطراف المعنية مقترحاتى التحليلية الشاملة المقدمة فعلياً للجانب الصينى الرسمى عبر وزارة خارجيتها، مع إعراب الصين رسمياً عن تنفيذها على أرض الواقع للم شمل منطقة الخليج العربى ومصر والمنطقة ولتحقيق مصالحة شاملة وتسويات سياسية ملزمة لإيران وللجميع بضمانات صينية.

وقبل أن أطرح على سيادتكم وعلى جميع قادة المنطقة وأشقائنا فى الخليج وعلى مؤسسة الرئاسة المصرية والرئيس “السيسى” لهذا الملف الشامل الذى قدمته للصينيين من مقترحات فعلية وحقيقية لإنجاز ملف المصالحة الشاملة بين دول منطقة الخليج العربى وإيران وبرعاية مصرية وصينية كاملة، لضمان الوقوف على كافة أطرافه بما تم الإتفاق عليه وتنفيذه، وهو ما ترحب الصين بتبنيه بشكل تام… فإسمحوا لى كمواطنة أولاً قبل أن أكون أكاديمية أو محللة وباحثة أو أى شئ آخر، أن أتوجه بكلمة خاصة إلى قادة الخليج العربى وفخامة الرئيس المصرى “عبد الفتاح السيسى”… أقول لهم فيها:

“لقد تعمدت الإشارة إلى رغبة الصين فى تبنى مصالحة شاملة وتسويات سياسية ملزمة لإيران وللجميع بضمانات صينية، بالتنويه بشكل مختصر للجماهير وللرأى العام المصرى والخليجى والعربى قبيل نشرى مباشرةً علنياً الآن لتلك المقترحات والتوصيات الشاملة المقدمة فعلياً من جانبى لصانع القرار السياسى فى الصين عبر وزارة خارجيتها… وفخامتكم لا تتصورون فعلياً حجم هذا الترحيب الشعبى بعملية المصالحة الشاملة والتسوية السياسية الملزمة لجميع الأطراف لإنجاح ولإنجاز عملية المصالحة بين أشقائنا فى الخليج وإيران وفق ضمانات صينية ملزمة للجميع. فهناك أصداء شعبية إيجابية لنشر قيم السلام وتبنى تلك الرؤية الشاملة لحل الأزمة الراهنة بين إيران وأشقائنا فى منطقة الخليج، من أجل أن ينعم الجميع بسلام وبأمان فى ظل تلك الظروف الإقتصادية الراهنة التى يمر ويعانى منها الجميع. وكلى ثقة بأن يعمل الجميع صوت العقل والحكمة لتبنى تلك المقترحات فى إطار الحل وفق ضمانات صينية ملزمة لإيران وللجميع من أجل صالح المنطقة وأبنائنا والجميع”

كما أنه لن يفوتنى من توجيه رسالة وكلمة خاصة للجانب الأمريكى بالأخص وللإدارة الأمريكية، أخصهم فيها بالقول:

“نحن حقاً شعوب مسالمة تبغى السلام وتصر عليه لا الحرب، وما أقدمه اليوم من عمل وطنى بالأساس قبل أن يكون أكاديمى، لهو إستشعار منى بالمسئولية القصوى لتجنب المنطقة خطر وويلات الحرب والصراع بين أشقائنا فى الخليج وإيران. ونحن لا يمكننا الإنتقاص من أى دور أمريكى فى منطقتنا العربية كقوى عظمى بالأساس، ولكننا كشعوب قد إخترنا لغة السلام والمحبة وليس الصراع والحرب، فيكفينا ما حدث فى العراق، أفغانستان، سوريا، اليمن، وغيرها… وبناءً عليه – وأنا هنا أوجه ندائى وحديثى مباشرةً – للقائمين على أمر الإدارة الأمريكية فى واشنطن – فنحن كشعوب خليجية وعربية وإيرانية، قد إخترنا لغة السلام وليس الحرب. ونأمل جميعاً أن تحترمون رغبتنا كشعوب تعبت وفاض بها الكيل من إستمرار هذا الكم من الصراعات فى المنطقة بغض النظر عن المتسبب الحقيقى فيها. فلقد علمتنا جميعاً التجربة بأن لغة السلام والمحبة هى الفيصل والرهان الحتمى والعاجل للخروج جميعاً من هذا النفق المظلم الذى يلوح حولنا بالحرب. وآمل اليوم أن تستمتع الإدارة الأمريكية للرئيس “جو بايدن” ولكافة المسؤولين فى واشنطن والعالم لندائى إليهم كمواطنة فى المقام الأول قبل أن أكون باحثة أو أكاديمية. وآمل أيضاً وكلى يقين وثقة، بأن يستمع لى قادة الخليج الأعزاء الموقرين الأجلاء، والذين أعلم جيداً مدى حكمتهم ومدى إدراك حبنا وإحترامنا لهم فى مصر، ومدى الإحترام الشديد الذى يكنه لهم فخامة الرئيس السيسى وشعبنا المصرى الكريم”… حفظ الله الجميع

وأنا هنا أتقدم بإقتراحاتى كاملة والتى تقدمت بها فعلياً لصانع القرار فى الصين، لأطرحها بشكل علنى للجماهير وللشعوب وللأجيال علانية، ولصناع القرار السياسى فى منطقة الخليج العربى ومصر وواشنطن… وكلى ثقة فى أن يتبناها الجميع. وإليكم التحليل:

تحليل آليات الدور الصينى فى إدارة (حوار خليجى – إيرانى) برعاية مصر والصين، عبر بناء منصة حوار متعددة الأطراف لمنطقة الخليج العربى وإيران

تمثل العلاقات الخليجية المتوترة مع إيران أحد أهم الإشكاليات الكبرى التى تواجه دول مجلس التعاون الخليجى، خاصةً أن هذا الملف يتداخل مع الكثير من القضايا التى تلقى بظلالها على أزمات المنطقة لاسيما (السورية واليمنية واللبنانية). وهو الأمر الذى دفع بكين عبر وزير الخارجية الصينى (وانغ يى) فى لقائه مع نظيره الإيرانى (محمد جواد ظريف) فى 11 أكتوبر 2020 فى مدينة (تينغشونغ) جنوب غرب الصين، إلى تبنى الصين لإنشاء “منصة حوار متعدد الأطراف” لتهدئة التوتر فى الشرق الأوسط بين جميع الأطراف الإيرانية والخليجية( ).

وهنا يمكن أن تلعب (منصة الحوار الصينية بين الخليج العربى وإيران) دوراً كبيراً بالنظر لتشعب الملفات والأزمات بين الجانبين. حيث تنظر (منصة الحوار الصينية متعددة الأطراف) للعلاقات الخليجية الإيرانية من عدة زوايا مختلفة، أهمها: الإتفاق النووى الإيرانى مع الغرب، مع ملاحظة دفاع الصين وتمسكها بالإتفاق النووى الإيرانى الموقع فى عام 2015، ودور طهران الجيوسياسى فى سوريا كحليف لنظام (بشار الأسد)، والدور الإيرانى فى لبنان من خلال دعمها لحركة (حزب الله) الشيعية وثيقة الصلة بطهران، فضلاً عن تشابكات الدور الإيرانى مع الخليجى، وبالأخص السعودى فى الأزمة اليمنية، والصراع بين طهران والرياض فى اليمن من خلال (جماعة ميليشيا الحوثى الشيعية الموالية لإيران فى اليمن)، إضافةً إلى المعارضة الإيرانية لقيادة السعودية تحالفاً عسكرياً عربياً فى اليمن يضر بمصالحها، والإتهامات السعودية لها بدعم جماعة “أنصار الله” (الحوثيين)، وكذلك إتهامات الخليج لطهران بتغلغلها الخفى داخل أركان الدولة بلبنان من خلال “حزب الله” الشيعى.

وبالنظر للفهم الصينى لمحور الخلاف (الخليجى – الإيرانى) الممتد لعدة سنوات، فضلاً عن أن الصين (شريك موثوق به من قبل النظام الإيرانى والخليجى عموماً)، لذا، إقترحت الصين عبر وزارة خارجيتها فى شهر أكتوبر 2020 إنشاء (منصة حوار متعددة الأطراف بين الخليج وإيران) الهدف منها هو حل وإدارة كافة أوجه الصراع والملفات بين الجانبين.

نظرياً، تمتلك الصين المؤهلات للقيام بهذا الدور الوسيط بين الدول الخليجية، بقيادة السعودية من جانب، وبين إيران من جانب آخر، بالنظر لعلاقات (الشراكة الإستراتيجية) بين الصين ودول المنطقة والخليج وإيران، وهو الأمر الذى يخول لها أن تلعب دوراً جيداً كحلقة وصل أو وسيط بين القوى الإقليمية الخليجية والإيرانية، إضافةً إلى إمتلاكها علاقات قوية ومتوازنة مع كافة أطراف الصراع فى المنطقة، الأمر الذى يتيح لها التموضع كوسيط فى العديد من النزاعات المعقدة التى يمكن أن تلعب بها الصين دوراً محورياً فيى حلها عبر إعلان (إنشاء منصة حوار صينية متعددة الأطراف) لحل القضايا والأزمات والصراعات العالقة بين إيران ودول الخليج العربى تحت الوساطة والرعاية الدبلوماسية الصينية، وفق الرؤية الشاملة للرئيس الصينى (شى جين بينغ) من ضرورة حل النزاعات بين الجميع من خلال رؤيته الشاملة (مجتمع ذو مصير مشترك للبشرية) يتقاسم به الجميع المنافع من خلال التعاون وليس الصراع( ).

فى الواقع هناك تنافس بين المملكة العربية السعودية وإيران والخليج عموماً له جذوره الأيديولوجية والتاريخية، ولا تقتصر نطاقات هذه المنافسة الأيديولوجية على منطقة الخليج بل تتعداها إلى (أواسط آسيا وباكستان وأفغانستان). لكن حاولت الرياض منذ سنوات تجاوز ذلك من خلال الإنفتاح على طهران فى شتى المجالات السياسية والإقتصادية وحتى الأمنية. ورحبت طهران بهذا الإنفتاح والذى تجد أنه – يهيئ الأرضية والضمانة لرفض الدول الخليجية إمكانية إستعمال أراضيها أو قواعدها لأى هجوم أمريكى – محتمل ضد إيران، وذلك قبل أن يتغير الأمر لاحقاً إلى (تبادل الإتهامات بين كافة الأطراف الخليجية والإيرانية) بتهديد أمن الآخر ونشر الطائفية والمذهبية وزعزعة إستقرار كل طرف لأمن الآخر، وغيرها من التوترات والإضطرابات التى سادت علاقات كافة الأطراف فى السنوات الأخيرة( ).

وهنا يمكن للباحثة المصرية تتبع بعض (ملامح إنفراجات العلاقات بين الخليج وإيران) فى بعض الفترات، كمعيار أو مؤشر يمكن أن (تستند عليه الصين) عند تبنيها (منصة متعددة الأطراف للحوار بين الخليج العربى وإيران برعاية صينية)، ففى فترات سابقة شهدت العلاقات الخليجية الإيرانية عامة، والعلاقات السعودية الإيرانية على وجه الخصوص، إنفراجاً واضحاً، خاصةً فى أعقاب تولى الرئيس (محمد خاتمى) الحكم عام 1997، فقد كانت إيران تسعى دوماً إلى كسب المملكة العربية السعودية لتدعيم مكانتها ونفوذها فى المنطقة بكسر حالة الجمود لسياستها الخارجية بعد إنتصار الثورة. وأما السعودية فقد كانت ترى فى إيران شريكاً أساسياً فى منطقة الخليج وخاصة فى موضوع تحقيق أمن وإستقرار هذه المنطقة من خلال حل وتسوية المسائل العالقة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجى، وعلى رأسها مسألة الجزر الإماراتية الثلاثة (طمب الكبرى، طمب الصغرى، وأبو موسى) التى تحتلها إيران منذ عام 1971. وكانت بداية التطور فى العلاقات السعودية الإيرانية فى جوانب متعددة، ومنها (التبادل التجارى) من خلال منح تسهيلات لرجال الأعمال من الجانبين دون وسيط لصادراتهما( ).

وفى هذا الإطار، تقدم الصين عبر (منصة حوار خليجية – إيرانية) متعددة الأطراف عدة حلول ومقترحات تمكن الصين من لعب دور الوسيط بين إيران ومنطقة الخليج العربى، كأحد الحلول المقدمة من الجانب الصينى لإدارة الصراع وإزالة أوجه الخلاف فى أوضاع المنطقة – من المفهوم الشامل الجيوبولتيك والأمنى والإستراتيجى والمؤسسى وحتى الثقافى والتعليمى الجماهيرى – بالنظر لكون إيران لاتبعد عن بعض دول الخليج العربى إلا عشرات الكليومترات أحياناً – وأن العلاقات الخليجية الإيرانية والتداخل بينهما ممتدة على مر العصور – كما أن جنوب إيران وتحديداً منطقة الساحل الشرقى – يسكنها العرب وهم من (جنوب العراق) إلى هرمز، حيث يعيش فيها ما بين 5 إلى 8 مليون عربى، وخصوصاً العرب بالساحل الشرقى، حيث لا تفرق بينهم وبين أهل الخليج لهجة وثقافة وعادات وتقاليد لأمن الآخر، وغيرها من الإعتبارات التى تمهد وتساعد على عوامل التقارب بين الطرفين( ).

ولكل تلك الإعتبارات السابقة، إقترحت الصين إنشاء منصة حوار متعدة الأطراف بين الخليج العربى وإيران للتقارب والحوار برعاية صينية – مع الإستعداد الصينى الكامل لترجمة هذا الحوار (الإيرانى – الخليجى) إلى نواحى براجماتية عملية تشمل (تدابير مؤسسية مقترحة ومنصات حوار ثقافية تعليمية) بعيداً عن أوجه الصراعات الطائفية والمذهبية والسيطرة الدينية.

وبناءاً عليه، فقد قدمت الباحثة المصرية فى هذا الإطار (نموذج مقترح تحليلى مقترح شامل) يشمل كافة جوانب إدارة الحوار الصينى – الخليجى المستقبلى، مع وضع أسس جديدة لم تتطرق إليها أى حلول مسبقة (لإزالة الخلاف المذهبى والطائفى) بين إيران ودول الخليج العربى والمنطقة العربية عموماً، مترافقاً معها عدة نواح ثقافية وبرامج تعليمية مشتركة ترعاها الصين لضمان نجاح (الحوار الشامل) عبر كافة المستويات (السياسية والأمنية، المؤسسية والإستراتيجية، الثقافية التعليمية، الدينية والمذهبية والطائفية، الشعبية الجماهيرية) بين إيران والخليج عبر (منصة حوار صينية متعددة الأطراف).

– ويمكن تطبيق والتعرف على (محددات الدور الصينى المقترح لإدارة حوار بين الخليج العربى وإيران)، من خلال التركيز على الآليات والمحاور التالية التى ستتناولها الدراسة التحليلية المقترحة للباحثة المصرية، من خلال:

– أولاً: الإستناد / الإعتماد الصينى على نظرية (المبادأة الإيرانية) للرئيس (خاتمى) فى تحقيق التقارب بين المملكة العربية السعودية والخليج العربى وإيران عبر (منصة متعددة الأطراف)

– ثانياً: رؤية تحليلية مقترحة جديدة – تقدمها الباحثة لأول مرة – لآليات ومحددات الدور الصينى فى حل وإزالة (الخلاف المذهبى والطائفى العقائدى الشيعى – السنى) بين إيران والخليج العربى وإيران عبر (منصة حوار متعددة الأطراف)
– ثالثاً: تحليل مقترح للترتيبات والتدابير المؤسسية الصينية لإدارة الحوار والتقارب بين إيران والخليج العربى لحماية (أمن المضائق المائية وخطوط الملاحة والأزمات الأقليمية) عبر (منصة حوار متعددة الأطراف)

– رابعاً: تطوير الصين لجوانب ثقافية وتعليمية أخرى للإعتماد المتبادل، وإجراءات بناء الثقة، وتفعيل (الدبلوماسية الشعبية، تبادل الخبرات الفنية، لجان العمل المشترك، توظيف العمالة، دور منظمة المؤتمر الإسلامى) عبر (منصة حوار ثقافية) بين الخليج العربى وإيران برعاية الصين

– خامساً: الدور الصينى فى ضبط وتغيير مضمون (الخطاب الإعلامى) الإيرانى والخليجى السلبى المتحيز تجاه بعضهما البعض عبر إنشاء (منصة إعلامية رقابية مشتركة) أو (مجلس إعلامى رقابى) خليجى – إيرانى مشترك برعاية صينية…. (حل جديد مقترح للأزمة الخليجية – الإيرانية) يقدم لأول مرة

– سادساً: تصور تحليلى عملى لركائز الإستراتيجية المستقبلية للصين فى إدارة (حوار خليجى – إيرانى) مؤسسى جماعى برعاية صينية

– سابعاً: تقييم سيناريوهات ومسارات الدور المستقبلى للصين فى تحسين إطار العلاقات (الخليجية – الإيرانية) عبر المنصة متعددة الأطراف

– ثامناً: الخلاصة (نتائج الدراسة)

– أولاً: الإستناد / الإعتماد الصينى على نظرية (المبادأة الإيرانية) للرئيس (خاتمى) فى تحقيق التقارب بين المملكة العربية السعودية والخليج العربى وإيران عبر (منصة متعددة الأطراف)
إن تبنى الصين ممثلة فى وزارة خارجيتها إلى (منصة متعددة الأطراف) للتقارب بين الخليج العربى وإيران يمكن أن تجد لها مؤشرات ودعائم سابقة لحدوث (إنفراجات فعلية) بين إيران والخليج العربى والسعودية. لقد إعتمدت إيران – فى فترات تاريخية سابقة – فى تقاربها مع دول الخليج العربية على (أسلوب المبادأة)، وهو أسلوب (لا ينتظر مبادرات بل يقدمها)، وما جاء به الرئيس (خاتمى) من مبادرات، هو خير مثال على المبادرات الإيرانية للتقارب مع السعودية والخليج فى فترات سابقة، والتى تتلخص فى (النهج الإيرانى للتقارب مع الخليج) من خلال عدة مبادرات إيرانية، تتمثل فى:

1- الدعوات الإيرانية فى عهد الرئيس (خاتمى) إلى حوار الحضارات والإنفتاح على دول العالم عامة ودول الجوار الجغرافى خاصة: ما جاء به الرئيس (خاتمى) من أطروحات خاصة بحوار الحضارات والإنفتاح على دول العالم بعامة، ودول الجوار الجغرافى خاصة. وذلك من خلال( ):

أ‌) الدعوة لبلورة (فكر حضارى إسلامى جديد ليس مناهضاً للغرب وحضارته)، مع التأكيد على قيم الإحترام المتبادل فى العلاقات الدولية وتوفير الأمن للجميع.

ب‌) الإعتراف بالمبادئ والموازين الخاصة بكل دولة.

ت‌) وقد غدت هذه (الأطروحات الإيرانية الجديدة للرئيس روحانى) بمثابة رسائل مباشرة لدول الخليج ولغة جديدة لم تعهدها هذه الدول من قبل فى سياسة إيران التى كانت تتهمها دول الخليج قبلها بأنها تعتمد لفترة ليست قصيرة على نموذج “تصدير الثورة”( ).

ث‌) ونتيجة لذلك، فقد وصف الرئيس (خاتمى) خلال زيارته إلى قطر (العمالة الإيرانية) فى دول الخليج بأنها: “رسل المحبة والسلام”، فى إشارة منه إلى (دور هذه العمالة فى إذابة الخلافات العربية الخليجية – الإيرانية).

2- الدعوات الإيرانية السابقة إلى تبنى (نظرية أمن الخليج – الإيرانية)، والتى تقوم على نفس فكرة أو نظرية (المبادأة الإيرانية) للرئيس “روحانى”: على إعتبار أن من حق إيران بما لديها من مبررات تاريخية وجغرافية وبشرية وسياسية وعقائدية أن تضع نظرية لأمن الخليج تحقق مصالحها بما لا يتعارض مع مصالح الدول الأخرى. وهذه النظرية مبنية على التضامن والتعاون بين دول المنطقة وحدها مع إيران من خلال (القضاء على الخلافات بين هذه الدول وإيران أو خفضها إلى أدنى مستوى)، خاصةً فى المسائل المهمة، مثل:

أ‌) الخلاف الحدودى
ب‌) الخلاف المذهبى
ت‌) الخلاف العرقى
ث‌) الخلاف الأيديولوجى
ج‌) وكذلك، فإن (النظرية الأمنية الإيرانية) وفقاً للمعنى والمضمون الإيرانى تتطلب ضرورة توفر عدة عناصر للمشروع الأمنى الإيرانى، من أهمها (الإدراك المشترك لمعنى الأمن بعيد المدى، عدم التعارض مع الأمن العالمى، والتطرق إلى كافة المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية)( ).

ومن هنا، يمكن للجانب الصينى الإعتماد على (نظرية خاتمى) فى تحقيق التقارب بين إيران والخليج كأساس مشترك للعلاقات يمكن الإستناد عليه كمنصة للحوار متعددة الأطراف الإقليمية.

– ثانياً: رؤية تحليلية مقترحة جديدة – تقدمها الباحثة لأول مرة – لآليات ومحددات الدور الصينى فى حل وإزالة (الخلاف المذهبى والطائفى العقائدى الشيعى – السنى) بين إيران والخليج العربى وإيران عبر (منصة حوار متعددة الأطراف)

ربما كان أكثر – ما يشغل بال الباحثة المصرية عند تقديمها رؤية جديدة لصناع القرار الصينى فى تحقيق مهمتهم فى التقارب الخليجى – الإيرانى عبر منصة حوار متعددة الأطراف – هو كيف يمكن للجانب الصينى حل ذلك الخلاف الطائفى بين المذهب السنى الذى تعتنقه غالبية شعوب دول الخليج العربية، والمذهب الشيعى الذى تتبناه إيران. وهذه تعد من أكثر القضايا الخلافية والمذهبية بين الجانبين، ويتم تجاهلها بإستمرار والإلتفات فقط لنواح سياسية وأمنية أخرى.

لذا، فتحليلى ورؤيتى المقترحة لصانع القرار الصينى هو (تبنى الصين لنهج وتوجه جديد بين الطرفين العربى والإيرانى) أغفلته كافة القوى الوسيطة الأخرى، ألا وهو ضرورة الوعى لنقطة مهمة وهى (وجوب وضع برامج وسياسات صينية ملزمة خاصةً للجانب الإيرانى تضمن الإحترام المذهبى والطائفى بين إيران والخليج العربى)، ويتحقق ذلك من خلال الإستفادة من إمكانات الشيعة والسنة معاً أفضل من التناحر الداخلى بين الفرق الإسلامية( ). وهنا يمكن عقد (مقارنة بسيطة بين حقوق الطائفة الشيعية فى السعودية مقارنةً بالتجاوزات فى حق الطائفة السنية فى إيران)، كالآتى:

1) أعطت الحكومة السعودية للطائفة الشيعية منذ التسعينيات الفرصة للتعبير عن رأيها وإحترام معتقدها، بإعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من الوطن: فالشيعة فى السعودية بالأخص لهم حقوق كبقية الشعب ولا يجدون تفرقة من قبل الدولة ولا يعيشون عيشة أقلية كما هو الحال فى بقية الدول الأخرى، وينالون مثل غيرهم مناصب قيادية ويمارسون حقهم فى العبادة والتجارة.

2) وإذا حاولنا أن نجرى مقارنة بين السنة فى إيران والشيعة فى غيرها (وبخاصةً فى السعودية) لتفحصنا بيان (رابطة أهل السنة فى إيران)، على الرغم من التحذر من الأخذ به على إطلاقه، على النحو الآتى( ):

‌أ- لا يوجد فى الحكم الإيرانى تمثيل سياسى لمسلمى السنة – لا وزير ولا سفير ولا رئيس بلدية ولا موظف كبير… إلخ – مقارنةً بدول الخليج: علماً بأن (ثلث السكان فى إيران من أهل السنة)، وهم من (الأكراد والبلوش والتركمان وبعض الفرس وبعض العرب). لذا، تستمر الإتهامات الخليجية بأن “الحكم فى إيران هو حكم طائفى”، بالنظر لعدم تمثيل (الطائفة السنية) فى مراكز صنع القرار الإيرانية، مقارنةً بوضع (الطائفة الشيعية) فى السعودية والبحرين والكويت والإمارات، والخليج العربى.

‌ب- إتهام (رابطة أهل السنة) فى إيران بقيام السلطات الإيرانية بقتل علماء السنة وهدم عشرات المساجد، وعدم وجود مسجد واحد لأهل السنة فى طهران وجميع المدن الكبرى: مع وجود بالفعل عدد من الكنائس ودور العبادة الأخرى المعابد للمسيحيين واليهود وغير المسلمين، علماً بأن عدد أهل السنة فى طهران وحدها يفوق جميع الأقليات غير المسلمة الأخرى فى البلاد( ).

*** وبناءاً على الطرح السابق، تقدم الباحثة المصرية رؤية جديدة لصناع القرار الصينى فى تحقيق مهمتهم فى التقارب الخليجى – الإيرانى عبر (منصة حوار متعددة الأطراف)، تلزم فيه الجانب الإيرانى بحل تلك الإشكالية، وإزالة بعض التخوفات الخليجية السعودية والسنية، من خلال:

1- أن يضمن الجانب الصينى تمثيل (نسبة معينة من المواطنين الإيرانيين السنة فى مراكز صنع القرارات): وضمان شغلهم لبعض المناصب فى طهران، كحل مبدأى أولى جديد يبدد مخاوف أهل السنة، خاصة الخليجيين والسعودية تجاه إيران.

2- الإشراف (الصينى – السعودى – الخليجى)، وبالأخص (دور الأزهر الشريف) فى مصر، بإعتباره منارة عالمية للإسلام الوسطى المعتدل وجهة دولية موثوق بها، على بناء عدد من المساجد لأهل السنة فى عدد من المدن الإيرانية ومنطقة (الأحواز السنية)، بحسب نسبة السكان السنة فى كل مدينة إيرانية: وضمان تأديتهم لشعائرهم الدينية بكل حرية، على أن يترافق ذلك – وفق تصورى الخاص المقدم للطرفين الصينى والخليجى والسعودى – بالسماح الإيرانى بوجود عدد من علماء ورجال الدين الأزهريين والسعوديين والخليجيين للإشراف على تلك المساجد السنية وإعطاء دروس دينية تسهل على أهل السنة فهم مذهبهم وتعميق إنتمائهم بلا أى عقبات طائفية.

3- العمـل علـى (فصـل جميـع الشـيعة العـرب عـن المشـروع الأيـديولوجى الإيرانـى)، لأن التخوف العربى والخليجى خصوصاً من إيران لا يكمن فى المــــذهب الشيعى الــــذى يتبعونــــه، وإنمــــا تخوفهم من (مشــروع المــد الثــورى الإيرانـــى القــائم علــى أســاس نشــر المـــذهب الشيعى الإثنى عشرى على حساب مذهب أهل السنة والجماعة لدول الخليج) ( ).

4- الإشراف الصينى على (تعيين سفراء وقناصل معتمدين وملحقيات ثقافية فى المدن المختلفة) لدى الجانبين الإيرانى والخليجى وتوفير الحماية لهم، ويمكننا هنا تذكر تتويج السعودية سابقاً هذه العلاقات مع طهران بتعيين سفير لها فى إيران من أبناء (الطائفة الشيعية) الذى كان عضواً فى مجلس الشورى السعودى( ).

5- الإتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران بإشراف صينى على (نقطة جوهرية مذهبية فى العراق) لحل أى إشكالية بسبب ذلك، ألا وهى أن حل جميع الأزمات الحكومية فى العراق يجب أن يتم من خلال (المساواة بين مختلف الطوائف والتيارات الموجودة على الساحة)، حيث تعطى فكرة “المساواة” لجميع الأقليات والطوائف الوزن ذاته فى التمثيل السياسى العراقى بصرف النظر عن مذهبه الطائفى شيعى أم سنى.

ومن هنا، فبحكم قربى من كافة الأطراف، وجدت أن أول إشكالية – شعبية فى المقام الأول تعمق الخلاف بين إيران والخليج – هى موضوع (الخلاف المذهبى والعقائدى الطائفى) بين الطرفين، لذا، فأنا أقدم هذا الحل للجانب الصينى كى ترعاه عبر بناء منصتها للحوار متعددة الأطراف بين الخليج وإيران. بما يضمن (التمثيل العادل) لجميع المذاهب والطوائف وفقاً لنسبة وعدد السكان فى كل منها.

– ثالثاً: تحليل مقترح للترتيبات والتدابير المؤسسية الصينية لإدارة الحوار والتقارب بين إيران والخليج العربى لحماية (أمن المضائق المائية وخطوط الملاحة والأزمات الأقليمية) عبر (منصة حوار متعددة الأطراف)

قد تشكل الجهود الأوسع نطاقاً فى إطار (التعاون الإقليمى والدولى) بين إيران ودول الخليج العربى خارج الإتفاقات الثنائية نافذة لتهدئة التوترات. ففى خلال إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر 2019، أطلق الرئيس (روحانى) مشروعاً حول (السلام الإقليمى) لإرساء الإستقرار فى الخليج ومضيق هرمز، وهو يدعى “تحالف الأمل”. وفيما لم تصدر بعد أى تفاصيل إضافية حول الخطة، قد يشير تشديد (روحانى) على وصف الخطة كطريقة للتخلص من التدخل الأجنبى – بالتحديد الأمريكى – فى المنطقة( ). إلا أنه من الملاحظ لدى الباحثة المصرية فى هذا الإطار إلى أن إيران قد تكون منفتحة على نوع مشابه من التنظيم تحت رعاية دولية، وبالأخص تحت الإشراف والتنسيق الصينى. ويمكن هنا إجمالاً رصد بعض ملامح (الترتيبات المؤسسية الصينية) لإدارة حوار بين إيران ومنطقة الخليج عبر عدد من الآليات التالية:

1) تدابير صينية لبناء الثقة بين إيران والخليج العربى وفق نظرية (الإستقرار مقابل الإستقرار) تحت إشراف (الأمم المتحدة) لضمان إلتزام كافة الأطراف به
كانت السياسات السعودية والخليجية عموماً إزاء إيران ناتجة عن نظرتها للتهديد الذى تطرحه إيران على المجتمع الشيعى فى المنطقة. فتعتبر محاولات إيران لإشراك الفصائل الشيعية فى البلدان العربية، لا سيما (دول مجلس التعاون الخليجى)، يمثل إنتهاكاً لسيادتها. إلا أنه بسبب عدم تحقيق النتائج المرجوة لإستراتيجية “الهلال الشيعى” فى لبنان والعراق، قد تميل الجمهورية الإسلامية الإيرانية الآن بشكلٍ خاص إلى إعادة النظر فى قابلية إستمرار هذه الإستراتيجية فى دول مجلس التعاون الخليجى وفق ضوابط وشروط مؤسسية صينية، بإعتبار أن الصين هى الوسيط بين كافة أطراف تلك المعادلة السياسية الخليجية والإيرانية.

لذلك، سيكون من المفيد لكافة الأطراف الخليجية والإيرانية العمل معاً (تحت إشراف الصين عبر منصة لإدارة الحوار) من أجل التوصل إلى اتفاق دبلوماسى على “الإستقرار مقابل الإستقرار” لحماية السيادة الداخلية والإقليمية لكافة أطرافه. ويجب أن يشمل هذا الاتفاق (تدابير صينية لبناء الثقة من أجل حماية العلاقات المستقبلية بين الخليج العربى وإيران)، ويتم ذلك عبر مراحل وخطوات تضعها الصين للإتفاق على كافة التفاصيل لإزالة الخلاف بين إيران ودول الخليج العربى، عبر تشكيل (منصة الإجتماعات الثنائية والجماعية لإدارة حوار متعدد الأطراف بين إيران ودول الخليج)، ويمكن دعوة أطراف دولية أخرى كالإتحاد الأوروبى وغيرها حتى تؤدى دور الوسيط فى النقاش. وإلى ذلك، لا بد من أن تدعم الهيئات الدولية، مثل (الأمم المتحدة)، أى إتفاق بين إيران والخليج العربى تحت (منصة الحوار الصينية متعددة الأطراف) وأن تشرف عليه ضماناً للإلتزام والجدية( ).
2) إنشاء هيئة إقليمية وقوة شرطة مشتركة إقليمية مع تأسيس محكمة إقليمية مختصة (بين إيران والخليج العربى) تتمحور حول مضيق هرمز برعاية صينية، ووضعها تحت الإشراف الأممى لضمان الجدية والإلتزام

إن فكرة تطوير (هيئة إقليمية تتمحور حول مضيق هرمز تحت الإشراف الصينى) وبمشاركة أطراف أخرى دولية هى فكرة إستراتيجية وأمنية لتحقيق الإستقرار بين إيران والخليج. وهنا يمكن أن تنشأ هيئة مماثلة من خلال (تأسيس محكمة إقليمية) معنية بشئون دول الخليج وإيران تحت إشراف الهيئات الدولية، كالأمم المتحدة( ). ويمكن أن تشرف هذه المحكمة الإقليمية أيضاً على (قوة شرطة مشتركة إقليمية) بين إيران والخليج العربى، تقوم برصد الشبكات الجنائية الخاصة بالدول الأعضاء والعابرة للحدود وضبطها – وهى نقطة جدل أساسية فى حركة الملاحة البحرية على إمتداد مضيق هرمز- فستعزز قوة شرطة مشتركة بهذا الحجم القدرة الأمنية الداخلية والخارجية الخاصة بالبلدان المشاركة. وإلى ذلك، فتلتزم المحكمة الإقليمية بحل النزاعات الإقليمية عبر العمل الجماعى على المستويات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية عبر (منصة حوار صينية متعددة الأطراف).

3) الإدارة الصينية (للحوار السعودى – الإيرانى – الخليجى) فيما يتعلق بأهم الملفات العالقة بين الطرفين والتى تتمثل فى (الأزمة اليمنية)

يعتبر التنافس السعودى – الإيرانى أحد أبرز الأسباب الرئيسية للصراع فى اليمن، كما إتخذ الصراع هناك طابعاً عسكرياً بعد (سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء) فى 21 سبتمبر 2014، إذ تمثل اليمن بالنسبة للمملكة العربية السعودية العمق الإستراتيجى نظراً للتقارب الجغرافى بين الدولتين التى ترتبط بشريط حدودى برى طويل وثلاثة منافذ رئيسية. حيث تنطلق الرياض فى توجهاتها تجاه اليمن من مقولة أن (أمن اليمن من أمن المملكة وأن تطور الأحداث فى الساحة اليمنية ينعكس وبشكل مباشر على السعودية). لذا، ومن هذه المنطلقات تسعى المملكة العربية السعودية إلى التأثير فى القرار اليمنى بما يتلاءم مع سياستها ويخدم مصالحها( ).

كما تعنى اليمن بالنسبة للإيرانيين بمثابة الجزء المفقود من (الهلال الشيعى المرسوم للرغبة الإيرانية فى ضمان مناطق نفوذ لها فى المنطقة)، فضلاً عن مساعدة (ميليشا الحوثى) لطهران فى تكثيف تدخلاتها فى الشرق الأوسط وتهديد مصالح حلفاءها وهو ما حدث خلال الهجوم على حادث (منشأتا النفط السعوديتيين التابعة لشركة أرامكو) مما أضر بالإقتصاد العالمى. وعلى الرغم من إعتراف (جماعة الحوثى اليمينة) بالتورط فى حادث تفجير خطوط النفط السعودية، إلا أن المملكة السعودية وجهت أصابع الإتهام إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية بإعتبارها الراعى الأول لجماعة الحوثى فى المنطقة( ).

وبناءاً عليه، فإن الصين من خلال مبادرتها لإطلاق (منصة حوار بين إيران والخليج)، يمكنها إدارة أوجه الخلاف العالقة بين طهران والرياض بخصوص الأزمة اليمنية، عبر وضع حلول صينية وسيطة للطرفين، تتمثل فى:

1- الدعوة الصينية للحوار بين طهران والرياض بخصوص اليمن والتهدئة المتبادلة بين الطرفين، على خلفية عدم رغبة جميع الأطراف فى الدخول فى حرب مفتوحة، فضلاً عن عدم القدرة على تحمل تبعاتها.

2- إلزام الجانب الصينى (الجمهورية الإسلامية الإيرانية) نفسها بدفع (جماعة الحوثى الموالية لطهران) فى اليمن للتهدئة مع دول المنطقة وبالأخص المملكة العربية السعودية، بالنظر للحاجة الإيرانية فى الوقت ذاته إلى رفع العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما ظهر خلال اللقاءات الرسمية وغير الرسمية التى تمت على هامش إجتماعات (الجلسة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة)، حيث سعى كل من الرئيس (حسن روحانى) ووزير خارجيته (جواد ظريف) إلى إستمالة المجتمع الدولى لتبرئة طهران من الإتهامات الموجهة إليها على خلفية ضلوعها فى (حادث تفجيرات خطوط نفط شركة أرامكو السعودية) ( ).

3- ضرورة أن تلعب الصين دوراً فعالاً عبر منصة الحوار المتعدد الأطراف فى (تفعيل المزيد من المبادرات بين السعودية وإيران لتبادل كل المعتقلين بسبب الصراع فى اليمن وتسريع عملية الإفراج عن كافة السجناء من الطرفين).

4- تشكيل الصين (قوة سلام إقليمية مشتركة) على الشريط الحدودى بين اليمن والسعودية، الهدف منها هو (ضمان أمن الحدود وحفظ الإستقرار الإقليمى) بين كافة أطرافه، مع وضع (تدابير مؤسسية وأمنية ملزمة) عبر منصة الحوار الصينية بين الخليج وإيران، لتهدئة التوتر بين كافة الأطراف.

5- يجب أن تضع الصين (بإعتبارها الطرف الدولى الوسيط للحوار برضاء الجانب الإيرانى)، عدة شروط عملية ملزمة لإيران، كمطالب عامة لدول مجلس التعاون الخليجى، منها:

أ) القبول بالتحكيم الدولى بين إيران وبين دولة الإمارات فى شأن (الجزر الإماراتية الثلاث) المحتلة من قبل إيران.

ب) سحب إيران جميع مليشياتها وأتباعها من العراق، والكف عن (تمويل المليشيات الطائفية الشيعية وتدريبها، ورفع يدها عن حماية الأحزاب الطائفية الشيعية فى العراق)، ونفس الأمر فى اليمن وما يجرى على صعيده من دعم لجماعة الحوثيين الشيعية.

ج) الإمتناع التام عن التدخل فى (الشأن البحرينى) بأى صورة كانت، خاصةً المحاولات الإيرانية لدعم (الطائفة الشيعية فى البحرين).

د) الإنسحاب من سوريا، وترك الشعب السورى يحدد مصيره.

و) الإمتناع عن (التحريض والتشويه للنظام السياسى فى دول الخليج العربى والمملكة العربية السعودية)، خاصةً من قبل وسائل الإعلام الإيرانية.

ل) التأكيد الصينى على إيران بضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2231) الذى تم توقيعه فى يوليو 2015 بشأن الإتفاق النووى مع طهران، بما فى ذلك ما يتعلق بالصواريخ البالستية والأسلحة الأخرى، وجعل منطقة الخليج والشرق الأوسط (منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل)، مع التأكيد أيضاً، على حق جميع الدول فى (الإستخدام السلمى للطاقة النووية) ( )… فنجد أنها كلها أمور تستوجب من الصين وضع (رؤية إستراتيجية جديدة) فى التعامل الإيرانى مع الجار الخليجى.

ومن هنا، فإن قبول الصين (دور الوساطة والحوار بين العرب وبالأخص دور الخليج العربى وإيران)، والقبول الخليجى بمبدأ (علاقات حسن الجوار مع إيران) يجب أن تكون مبنية على الإحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين الجانبين الخليجى والإيرانى، ومبنية على (ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولى الخاص) فى العلاقة بين الدول، وسائر المبادئ التى تنظم العلاقات بين الدول.

– رابعاً: تطوير الصين لجوانب ثقافية وتعليمية أخرى للإعتماد المتبادل، وإجراءات بناء الثقة، وتفعيل (الدبلوماسية الشعبية، تبادل الخبرات الفنية، لجان العمل المشترك، توظيف العمالة، دور منظمة المؤتمر الإسلامى) عبر (منصة حوار ثقافية) بين الخليج العربى وإيران برعاية الصين

وهنا تقترح الباحثة المصرية بشكل خاص الحاجة إلى (تجاوز مجرد الإعتماد على جهود التوسط العالية) التى تديرها الصين إلى (إبتكار آليات شعبية جديدة) للتقارب الإيرانى العربى الخليجى، منها على سبيل المثال:

1- إشراك الفئات الجماهيرية الأساسية (الخليجية والإيرانية) لإذابة الخلافات على (المستوى الشعبى) بين إيران والخليج. وهنا يمكننا طرح عدة أسئلة، من قبيل:
أ) كم عدد الطلبة الإيرانيين الذين يدرسون فى دول مجلس التعاون الخليجى، خاصةً التى بها طائفة شيعية كالبحرين والكويت والسعودية والإمارات وغيرها؟
ب) كم عدد العرب فى إيران؟
ج) كم عدد برامج التبادل التعليمى المتبادلة بين إيران والخليج أو العرب عموماً؟

د) ما هو مستوى معرفة أحد الطرفين للآخر (الإيرانى والخليجى) أو العربى؟

و) ما هو مستوى إشتراك الطرفين (الإيرانى والخليجى والعربى) فى إجراء البحوث المشتركة أو الإستضافة فى وسائل الإعلام وغيرها لبناء أساس قوى وزيادة فرص تخفيف التوترات؟

2- جهود الوساطة الصينية مع كافة الدول الإسلامية الأخرى (لإدماج إيران وتوحيد جهودها مع المملكة العربية السعودية فى منظمة المؤتمر الإسلامى)، بالتأكيد على إنهما (ركنان أساسيان) فى منظمة المؤتمر الإسلامى، ويتحملان مسئولية كبيرة لمواجهة التحديات التى تعصف بالعالم الإسلامى فى الوقت الحاضر.

3- تشجيع ورعاية الصين لمبادرات (الزيارات الرسمية وغير الرسمية بين الجانبين الإيرانى والخليجى)، وتوسيع نقاط التلاقى بينهما، عبر (توقيع إتفاقات مشتركة فى مختلف المجالات السياسية والإقتصادية والتجارية، وبما يهدف إلى تنشيط التبادلات التجارية البينية وتفعيل الإستثمارات المشتركة)، هذا إضافة إلى (تبادل الخبرات الفنية وتوظيف العمالة)، إلى جانب التنسيق المستمر فى إطار منظمة الأوبك للنفط.

4- الإهتمام بالتعاون الثقافى فى إطار إتفاقية التعاون الثقافى السابقة المعقودة بين السعودية وإيران من أجل (تعزير التبادل الثقافى) بين البلدين. وقد أكد الرئيس (محمد خاتمى) فى هذا السياق فى (إفتتاحية أسبوع الثقافة الإيرانى فى مركز الملك فهد الثقافى)، بتاريخ 2 يناير 2005، على أن (العلاقة السعودية بإيران علاقة متميزة وذات خصوصية فريدة ولا تساويها أى علاقة فى العالم أجمع، وأن الجانب الثقافى يأتى فى المرتبة الأولى لوجود عامل الحضارة والإسلام الذى يزيد من أواصر هذه العلاقات ويعمل على تنميتها فكرياً وعلمياً وثقافياً)( ).

5- التركيز الصينى على فتح حوار بين الجانبين من أجل (محاولة التخفيف من حدة الإنفاق العسكرى فى المنطقة وتوجيهه لخدمة أهداف إنسانية أخرى)، وذلك إنطلاقاً من فرضية جوهرية ترى فى عملية (تطبيع العلاقات بين دول الخليج وإيران وتخفيف حدة التوترات السياسية بينهما سيسهمان فى تقليل حدة الإنفاق العسكرى)، ومن ثم تخفيف الضغط على الميزانية الإيرانية والخليجية. فقد أسهم تطور العلاقات السعودية الإيرانية خلال السنوات الثلاث (1999-2001)، فى (تخفيض مؤشرات التسلح لدى الدولتين)، مما إنعكس إيجابياً على الدول الخليجية الأخرى( ).

6- تعمل الصين على توسيع دائرة عمل (اللجان المشتركة العليا بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجى)، كى تغطى مجالات متعددة ومتنوعة بينهما، مثل: (مكافحة الجريمة والإرهاب وغسيل الأموال) وغيرها من أوجه التعاون بين الجانبين.

7- توسيع دائرة مناقشات التقارب بين إيران والخليج بحكم الجوار الجغرافى والإقليمى عبر (منصة الحوار الصينية)، وتبنى خطة مستقبلية فى إطار التحسين الإيجابى للعلاقات تهدف إلى (إعفاء مواطنى دول مجلس التعاون وإيران من الحصول على تأشيرات دخول إلى الطرف الآخر) كبادرة حسن نية بين كافة أطراف الخلاف.

ومن هنا، فيجب على الصين أن تدير وترعى (حوار ثقافى مؤسسى جماهيرى ناعم) لخلق هذه الروابط بين إيران والعرب عموماً عبر (مؤسسات ثقافية ممولة صينياً ودولياً)، وأن تستثمر فى جوانب أخرى تمكنها من دعم التعاون فى المستقبل بين الطرفين الإيرانى والخليجى أو العربى عموماً.

– خامساً: الدور الصينى فى ضبط وتغيير مضمون (الخطاب الإعلامى) الإيرانى والخليجى السلبى المتحيز تجاه بعضهما البعض عبر إنشاء (منصة إعلامية رقابية مشتركة) أو (مجلس إعلامى رقابى) خليجى – إيرانى مشترك برعاية صينية…. (حل جديد مقترح للأزمة الخليجية – الإيرانية) يقدم لأول مرة

لعل أهم نقطة أغفلتها كافة النقاشات المثارة لحل الأزمة الخليجية – الإيرانية، وإنتبهت إليها الباحثة المصرية، لأنها بالفعل أحد أهم الأدوات الفاعلة بين العلاقات السلبية بين إيران والخليج، وبالأخص المملكة العربية السعودية هو موضوع (الخطاب الإعلامى)، بإعتباره أحد أهم الأدوات المؤثرة على السياسة الخارجية الإيرانية، لتغيير التوجهات والمرتكزات السلبية بين الأطراف الخليجية والسعودية والإيرانية عموماً لنواحى إيجابية كجزء من (منصة الحوار الصينى متعددة الأطراف)، وكأحد الحلول الشاملة عند إدارة ملف الأزمة بين الخليج وطهران، لم يتم التطرق إليه من قبل.

فالبنظر لمضمون الخطاب الإعلامى الإيرانى تجاه السعودية ودول الخليج، لقد أدركت إيران حجم المتغيرات والتحديات الإقليمية المحيطة بها، فإتجهت طهران إلى (تخصيص قنوات إعلامية موجهة للخارج بلغات أوروبية وآسيوية)، متجهة إلى توسيع قاعدة جمهورها، ومجال تأثيرها فى بناء الرأى العام حول سياساتها، خصوصاً مع الجبهات الخليجية والسعودية التى خاضت فيها إيران تحدياتها السياسية، وتطلبت منها بناء خطاب إعلامى متعدد المستويات، يتمتع بالقدرة على المناورة، من دون أن يفقد إتجاهاته وثوابته الإستراتيجية.

إن تمايز الخطاب الإعلامى الإيرانى تجاه الخليج يحكمه عدد من العوامل، لكن يبقى أكثرها بروزاً هو (موقف دول الخليج العربى من السياسات السعودية الخارجية) بالقرب أو البعد، وهو ما يمنح الخطاب الإعلامى الإيرانى المناورة وتغيير الخطط بإستمرار، وإبراز أن السياسات السعودية – على الرغم من كون السعودية القوة الكبرى خليجياً – لا تمثل عموم سياسات الخليج، مع (التركيز الإعلامى السلبى فى إيران على سياسات السعودية الداخلية)، وإتهامها بعدم الإنسجام مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان، وخصوصاً حقوق الأقليات والنساء. ويأخذ الإعلام الإيرانى بالحسبان (الوزن السياسى النوعى لكل دولة من دول الخليج فى المساحة الإعلامية التى يفردها لكل دولة من دول مجلس التعاون الخليجى)، ومدى تناولها الإعلامى السلبى للنظام الإيرانى من عدمه.

يحاول الخطاب الإعلامى الإيرانى تجاه السعودية (بناء صورة نمطية سلبية للنظام السياسى السعودى)، وتكريس تلك الصورة لدى الرأى العام فى الغرب، ومن ثم وضع النظام السياسى السعودى موضع الإتهام، فيما يتعلق بالمسئولية عن زيادة التشدد الدينى، ودعم رجال الدين المتطرفين، وتمويل التنظيمات الإرهابية، وهى قضايا ذات وزن كبير فى الرأى العام الدولى عموماً، والغربى على وجه الخصوص( ).

وهنا، يمكننا ملاحظة عدد من المفردات التى تستخدمها الصحافة الإيرانية ووسائل إعلامها فى وصف السياسات السعودية وكجزء من (حملة هجوم ممنهجة إعلامية إيرانية ضد السعودية وقياداتها)، وما تمتلكه من دلالات فى سياق التحليل، مثل (الإرهاب)، (الأصولية)، و(السلفية)، و(الراديكالية)، وربطها بالنظام السعودى. فالمملكة العربية السعودية تتعرض لهجوم إعلامى ودينى وسياسى، وحرب إلكترونية من إيران، وأتباعها فى العراق. والأمثلة على ذلك عديدة، حيث يقول (نورى المالكى)، نائب الرئيس العراقى: “يجب وضع السعودية تحت الوصاية الدولية”. وأفتى (آية الله عبدالله جوادى أملى) بإعلان (الجهاد الأكبر ضد السعودية). ودعا خطيب جمعة طهران (آية الله محمد على موحدى كرمانى)، فى خطبته الرسمية، إلى (تحرير مكة والمدينة من الحكم السعودى). وأعلن قائد قوات الباسيج الإيرانية العميد (محمد رضا نقدى)، بأن (إيران لن تتوانى في توجيه سلاحها، بما فيه الإلكترونى، ضد القوى التى تستهدف اليمنيين)، فى إشارة غير مباشرة إلى السعودية( ).

أما عن الإعلام الإيرانى الناطق بالعربية، فهناك على الأقل عدد (ثلاثون قناة تلفزيونية إيرانية ناطقة بالعربية تحمل وجهة نظر النظام الإيرانى) سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، يديرها أحياناً شخصيات عربية، وتمول من جهات إيرانية، أو من جهات عربية لها علاقة أيديولوجية أو عرقية أو مصلحية مع إيران، فى الوقت الذى يفتقد فيه العرب (الخليجيون) أى نوع من البث المعاكس تجاه إيران، وعدم تخصيصهم هذا الكم الإعلامى الهائل للرد على طهران.

وعلى الجانب الآخر، فعند تحليل مضمون الخطاب الإعلامى السعودى والخليجى تجاه إيران، نجد إتهامات الإعلام الخليجى والسعودى لإيران بتسميمها الأجواء العراقية وإثارتها الطائفية هناك وتدخلها السافر فى الشئون العراقية واليمنية، وزعزعة الإستقرار فى المنطقة. ويمكننا هنا أن نجد رؤية خليجية سعودية إعلامية موحدة ضد ما تسميه (هجوم إعلام الولى الفقيه على عروبة الخليج) فى ما حددته سياسة إنشاء (قناة الخليج العربى) وتتمثل فى كشف أبعاد وخفايا المخططات العدوانية الإيرانية التى تستهدف الدول العربية بشكل دائم ومنتظم، وكشف الدعاوى الإيرانية، وتفنيد أوجه الخداع والتضليل التى تمارسها السياسة الإيرانية، والإعلام الإيرانى فى محاولة تسويق مخططها العدوانى على الخليج والمنطقة.
كما تعمل (الإستراتيجية الإعلامية البحرينية) على تقديم المعلومات الصحيحة عما يجرى فى دول مجلس التعاون، بعيداً عن التشويه والتزوير المتعمد الذى يمارسه الإعلام الإيرانى وفقاً لإتهامات الإعلام البحرينى لإيران. وتؤدى قناة “العربية” دوراً مهماً فى الدفاع الإعلامى عن السعودية ودول الخليج الأخرى وتبث من مقرها فى دبى رسائل موجهة ضد النظام الإيرانى.

ومن هنا، فإننا نجد أنه دائماً ما تسلط وسائل الإعلام السعودية والخليجية الضوء على الخلافات والقضايا داخل النظام الإيرانى وشنها حملة ضد الإعلام الإيرانى وتناوله السلبى لمجمل قضايا الخليج( ).

ويتضح من خلال العرض الموجز السابق الذى قدمته الباحثة المصرية، مدى (التناول السلبى الإعلامى الإيرانى والخليجى تجاه بعضهما البعض)، ومن جهة نظرى الشخصية، فربما كان ذلك أكثر ما يثير الأزمات بين الطرفين على الدوام. وحلاً لتلك الإشكالية، فأنا أقترح مع دخول الصين كطرف للوساطة وإقامة حوار بين الطرفين الخليجى والإيرانى، فيجب أن يترافق ويتوازى ذلك مع حل كافة تلك الإشكاليات العالقة بين الجانبين، ومن هنا، فقد يتم إقتراح الآتى لضبط وتوجيه (مضمون الخطاب الإعلامى السلبى) الموجه من قبل إيران والخليج والسعودية تجاه بعضهم البعض، كالآتى:

1- التدخل الصينى لإقامة (قنوات إعلامية معتدلة) تتناول الشئون الإيرانية والعربية الخليجية، وتكون (حلقة وصل بين الحضارة الإسلامية العربية التى يمثلها الخليج، وبين الحضارة الفارسية التى تمثلها إيران)، وأن تساهم فى حل مشكلات أهل السنة فى إيران بشكل وسطى معتدل.

2- تعمل الصين على إقامة (مجلس حكماء إعلامى مشترك) يضم إعلاميين يجيدون اللغتين العربية والفارسية من كلا الجبهتين (الخليج وإيران)، الهدف منها هو مراقبة قنوات البث الإعلامى الإيرانى والخليجى تجاه بعضهما البعض، وإرسال تحذيرات بعدم تناول الأمور الداخلية لأحد الطرفين بشكل سلبى.

3- تطوير الصين تدابير مؤسسية إعلامية عبر تأسيس (منصة إعلامية رقابية مشتركة) عبر (إتفاق مكتوب ملزم لأطرافه الخليجية والإيرانية) من خلال الجهات الإعلامية الرسمية فى كلا الجبهتين، يناط بها (توقيع جزاءات وعقوبات) عند تطاول أحد الطرفين على الآخر بصورة سلبية أو غير حقيقية.

4- أن تتدخل الصين عبر (منصة الحوار المتعدد الأطراف) لتشجيع الأطراف الخليجية والإيرانية على (عقد إتفاقيات إعلامية مكتوبة وبث المجتمعات الخليجية السنية لأهل إيران، وتخصيص جزء من الإعلام الخليجى لعرض مسلسلات وأفلام وثائقية إجتماعية عن إيران والتعرف على مجمل الحياة الإجتماعية والثقافية واليومية الحياتية لمواطنى طهران) بعيداً عن أى نواحى سياسية أخرى تؤدى لتأجيج الصراع، نفس الشئ، تبثه إيران عبر وسائل إعلامها الرسمية، لتحقيق التقارب بين الشعوب الفارسية والخليجية، منعاً لحدوث صراعات طائفية ومذهبية مستقبلاً، من خلال (إتاحة كل طرف التعرف على ثقافة وعادات وتقاليد الآخر، بما يقلل من حدة الصراع الطائفى والعقائدى) تجاه كل طرف ويعينه على فهم الآخر.

ورغم أن الباحثة المصرية تعلم مسبقاً، أنه رغم صعوبة تطبيق تلك الفكرة الخاصة بضبط الإعلام الإيرانى والخليجى السلبى تجاه بعضهما البعض، إلا أنها تصب فى لب وقلب الموضوع الذى نتحدث عنه، لأن معظم مسببات الصراع وبؤر التوتر بين إيران والسعودية ودول الخليج، هو دور (الإعلام السلبى) بما يبثه من مضامين تتناول بالسلب والتحريف أمور داخلية بالأساس للطرف الآخر، لذا، فربما يجد إقتراحى بأن تلعب الصين (دور الوساطة) بين إيران والخليج إعلامياً لتهدئة التوتر الحادث بينهما إعلامياً عبر دراسة الآليات والخطط السابقة.

– سادساً: تصور تحليلى عملى لركائز الإستراتيجية المستقبلية للصين فى إدارة (حوار خليجى – إيرانى) مؤسسى جماعى برعاية صينية

قد يكون من الأوفق أن ترتكز هذه الإستراتيجية المستقبلية والدور المستقبلى للصين لرعاية الحوار بين إيران والخليج العربى على المحاور الرئيسة التالية:

1) تطوير عامل ردع (خليجى – صينى) للحفاظ على أمن الخليج وخطوط الملاحة: خاصةً فى ظل ما أثير من إتهامات خليجية وسعودية لإيران بمحاولة التحكم فى خطوط الملاحة والمضائق المائية، وإتهامات المملكة العربية السعودية لإيران بتدمير خطوط ناقلات (شركة آرامكو) السعودية، لذا ينبغى للصين التعاون فى هذا الصدد مع دول الخليج العربى، من خلال عدة آليات ومقومات تمتلكها دول مجلس التعاون الخليجى، وتتسم بخصوصيتها الخليجية الدائمة ولا ترتهن بتقلبات المصالح وتغير أدوار القوى الدولية والإقليمية المؤثرة فى المنطقة( ).

*** ويأتى فى مقدمة هذه الآليات: الإسراع بإستكمال مسيرة التكامل والإتحاد الخليجى، لاسيما فى جوانبها الدفاعية، والعسكرية، والإقتصادية، وكذلك تعزيز التعاون والتنسيق على المستوى العربى.

وتبدو أهمية هذه الآلية من فاعلية وجود مظلة أمنية عربية خليجية، مؤقتة أو دائمة، فى حماية وتعزيز الأمن الخليجى، على المستويين (الوطنى القطرى والقومى الجماعى).

2) تعمل الصين على المساعدة فى تأطير العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي وايران بصورة مؤسسية وبشكل جماعى: يتجاوز الأساس الثنائى الذى يحكم هذه العلاقات فى الوقت الراهن.

3) تعزيز علاقات الشراكة الخليجية- الصينية: بحيث تبقى الصين بمثابة (الموازِن الكفء) لإيران فى الخليج خلال السنوات المقبلة، فثمة مصالح حيوية دائمة للصين فى المنطقة، وهى حريصة على عدم السماح بإنفراد إيران بأمن الخليج.

4) الإدراك الصينى بأن الجانب الأكبر فى هذا المسار المستقبلى التفاوضى سيقع على عاتق إيران: فبالنظر للتخوفات السعودية والخليجية لإيران، وما توجه لها من إتهامات خليجية بإعتبارها الطرف الساعى دوماً لبسط الهيمنة والنفوذ الإقليمى، فهنا ينبغى للصين بالنظر لعلاقاتها القوية بإيران وضع حدود ملزمة للجانب الإيرانى فى تعاملاته مع الخليج العربى، بشكل يراعى القواعد والأعراف الدولية فى العلاقات بين الدول.

5) الضوابط الصينية على إيران لتهدئة مخاوف الخليج العربى تجاه إيران: يأتى فى مقدمة هذه الضوابط الحاكمة التى يجب أن تضعها الصين لإدارة (الحوار الخليجى – الإيرانى)، كالآتى:
أ) ضرورة الإحترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول.
ب) إحترام السيادة الإقليمية والحدود القائمة المعترف بها.
ج) إحترام القواعد المنظمة للمرور فى الممرات المائية وحرية المرور فيها وخاصةً الخليج العربى ومضيق هرمز، والتوقف عن إطلاق التصريحات الإستفزازية من قِبل بعض المسئولين الرسميين فى إيران، والتى تنطوى على التلويح – تلميحاً أو تصريحاً- بإمكانية إستخدام القوة أياً كان نوعها.

6) والمحدد الأهم لمستقبل هذه العلاقات (الخليجية – الإيرانية) هو مدى إدراك صانع القرار الإيرانى بأهمية تطوير علاقات طهران مع العواصم الخليجية برعاية صينية: ومن ثم إبداء بوادر حسن نية لجهة إقامة تعاون إيجابى معها، لاسيما وأنه من مصلحة إيران تعزيز نطاق علاقاتها فى الجوار الخليجى المباشر، وهو ما يؤهلها لتوسيع شبكة علاقاتها على المستوى الإقليمى والدولى، لما لدول مجلس التعاون الخليجى من مكانة دولية هامة فى المنطقة العربية والمجتمع الدولى( ).

– سابعاً: تقييم سيناريوهات ومسارات الدور المستقبلى للصين فى تحسين إطار العلاقات (الخليجية – الإيرانية) عبر المنصة متعددة الأطراف

ترى الباحثة المصرية كمتخصصة فى الشأن السياسى الصينى، بأن الدور الصينى فى إقامة (منصة حوار متعددة الأطراف) بين الخليج وإيران، يمكن أن يسفر عنه إحدى السيناريوهات الثلاث التالية:

1) سيناريو التقارب والإنفتاح بين الخليج العربى وإيران برعاية صينية

يؤسس هذا السيناريو على إقامة حوار جاد بين الجانبين (الخليجى – الإيرانى) تحت تنسيق وإشراف صينى، بحيث يتم ذلك عبر (قنوات إتصال دورية رسمية واضحة بين الصين وكافة الأطراف المعنية)، بشأن قضايا الخلاف الرئيسية، وفى مقدمتها السلوك الإيرانى التدخلى فى شئون بعض دول مجلس التعاون الخليجى، وما توجهه إيران بالمثل من إتهامات بالتدخل فى شئونها خليجياً.

وربما يعد هذا هو (السيناريو الأفضل من المنظور الصينى) لجميع الأطراف الخليجية والإيرانية، لكن تحققه يظل رهناً بمدى توافر الرغبة الصادقة والإرادة السياسية الحقيقية لدى إيران والجميع لتغليب مبادئ حسن الجوار والمصالح المتبادلة على مبدأ بسط الهيمنة والنفوذ الإقليمى المستند إلى منطق القوة وحده.

2) سيناريو الصدام المباشر بين إيران وبعض دول الخليج العربية

يقوم هذا السيناريو على إحتمال تصاعد وتيرة التوتر الحالية فى العلاقات بين إيران وبعض دول الخليج العربية، وتجاوزها نقطة التوازن، لتصل إلى نوع من الصدام العسكرى المباشر، وإن كان محدوداً.

ورغم إحتمالية حدوثه، تبقى نسبة تحقق هذا السيناريو عند مستوياتها الدنيا، نظراً لكون السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجى لا تعتمد القوة منهجاً لإدارة علاقاتها الدولية وحل قضاياها الخلافية مع دول العالم، إضافة إلى وجود كوابح دولية رادعة لأى سلوك إيرانى غير حكيم قد يرد فى الأفق، وفى مقدمة هذه الكوابح: الإلتزام الصينى بأمن الخليج، والحفاظ على سلامة وسلاسة المرور فى الممرات البحرية فى المنطقة ضماناً لمصالح الصين فى تدفقات النفط والبضائع الصينية عبر المنطقة.

3) سيناريو “المد والجزر” بين إيران والخليج

ويمثل هذا السيناريو إستمراراً للحالة الإعتيادية التى تتسم بها العلاقات بين دول الخليج وإيران على إمتداد العقود الأربعة الأخيرة، والتى تراوح فيها، فيما يشبه بندول الساعة، بين التقارب والتعاون تارة، والتباعد والنزاع تارة أخرى.

وربما يعد هذا السيناريو هو المرشح للتحقق عملياً، فى ضوء معطيات البيئة الإقليمية الراهنة، والتى لا تزال تعج بالملفات الخلافية بين الجانبين، وخاصةً فى كل من (اليمن وسوريا والعراق)( ).

– ثامناً: الخلاصة (نتائج الدراسة)

إن الدور الصينى فى تبنى (منصة حوار متعددة الأطراف) الغرض منها هو تحقيق عملية (التقارب الإيرانى – الخليجى) فى الوقت الحالى هو أمر ليس سهلاً فى ظل المتغيرات المتتابعة التى تكتنف الساحة السياسية فى المنطقة والمؤثرات الدولية المتزايدة، وهنا تخلص الباحثة المصرية – عبر رؤيتها المقدمة بالأساس لصناع القرار الصينى – لعدد من النتائج التالية من أجل (إنجاح الدور الصينى فى بناء منصة متعددة الأطراف) لتحقيق التقارب بين الخليج العربى وإيران، مراعية الإعتبارات الآتية:

1- مستقبل التقارب الإيرانى – الخليجى رهن بالتحركات الإيرانية والسعودية فى المقام الأول: بما لديهما من إمكانيات للسير فى عملية التقارب تحت التنسيق والإشراف الصينى.

2- وهنا، يمكننا التأكيد على أن (الدعم الصينى للتقارب الإيرانى – الخليجى والسعودى) لا يجب أن يتوقف عند محاولات تحسين العلاقات التقليدية بين الجانبين فحسب، بل يجب أن يمتد إلى كافة المجالات: حيث يجب على الطرفين الإيرانى والخليجى أن يبادرا إلى تعميق وتطوير سبل التقارب لتشمل كافة المجالات من (سياسية، إقتصادية، إجتماعية، ثقافية)، رغم الإعتراف المسبق بوجود بعض الصعوبات لتحقيق ذلك.

3- ويجب أن تدرك إيران أن تحقيق التقارب الكامل مع الدول الخليجية – تحت الإشراف والرقابة الصينية – رهن بحل المشاكل المعلقة بين كافة الأطراف: مع إدراك الجانب الإيرانى بأن هذا التقارب مع الخليج بوساطة صينية يجب أن يكون وسيلة لتحقيق هذا الهدف، وألا يكون على حساب أية دولة من دول الخليج.

4- ومِن المتوقع أن يكون السيناريو المستقبلى للعلاقات الخليجية الإيرانية قائماً على (التشاور المستمر) بين الطرفين فى القضايا المشتركة بينهما: وهنا، فلابد – لضمان نجاح عملية التشاور والحوار برعاية الصين – من إضفاء (الطابع المؤسسى) على هذه التفاعلات، عن طريق:

أ‌) إنشاء (لجان مشتركة) تجتمع بصورة دورية بين الجانبين الإيرانى والخليجى تحت إشراف صينى.

ب‌) توسيع مجال التعاون فى (المجال الأمنى)، كى يشمل مجالات عديدة ومتنوعة، مثل: (مكافحة المخدرات والإرهاب والجريمة المنظمة)، وغيرها.

ت‌) وضع ترتيبات خاصة فى مجال التعاون العسكرى بخصوص (ضمان حرية الملاحة فى الخليج العربى والممرات والمضائق المائية) والحفاظ على الأمن والإستقرار فيها.

ث‌) جعل إيران شريكاً أساسياً فى المنطقة الخليجية للمحافظة على أمنه فى حالة تسوية الخلافات بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجى برعاية الصين.

وهذا ما يمكن إستشفافه حتى الآن من (الخطاب السياسى الرسمى الصينى) الذى تقدمه عبر (منصة حوار متعددة الأطراف) لوضع (ترتيبات مؤسسية وسياسية متعددة) تجمع بين كافة الأقطاب والدول الخليجية وإيران، خاصةً فى ظل التطورات المتسارعة فى المنطقة، بما يضمن الحفاظ على الأمن والسلم الإقليمى والعالمى فى المقام الأول ولضمان تحقيق النمو الإقتصادى فى المنطقة من خلال (تسيير عمل الممرات والمضائق الملاحية لضمان مرور البضائع الصينية والعالمية، وتدفق النفط السعودى والخليجى عبر العالم)، لذا، فلابد من وضع تلك الترتيبات والآليات المؤسسية بين الخليج العربى وطهران برعاية صينية، مع توافر ضمانات ملزمة لكافة الأطراف بإحترام ما سيتم الإتفاق عليه مسبقاً ضماناً لأمن منطقة الخليج العربى والشرق الأوسط.

– هوامش ومراجع الدراسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى