سيدة تطلب الخلع من زوجها: «مش بيستحمى»

 

كتب / علاء حمدي قاعود

هي فتاة ريفية بسيطة من أبوين يكدحان ليل نهار لتربية أبنائهما وتوفير ضروريات الحياة لهم ليس للترفيه مكان ولا ذكر ولا محل له في قاموس المفردات اليومية.. فالفقر أقوي من التفكير في غيره لأنه يستنزف كل الجهود لمحاربته ومحاولات القضاء عليه يتغلبون عليه حيناً فيتغلب عليهم أحياناً آثاره علي وجوههم بادية دائماً تملق بدون سخط أو غضب أو شكوي فالأمر لله وحده كانت هذه الظروف سبباً في خروجها مبكراً من التعليم فلم تقض سوي أسابيع قليلة في المدرسة لم تكن كافية لتعرف خلالها حتي كتابة اسمها لتنخرط في تروس العمل تساعد أباها علي تربية أشقائها وشقيقاتها الصغار الكثيرين خرجت إلي العمل دون أن تعيش ما يسمي بمرحلة الطفولة لم تعرف اللعب أو اللهو ولم يكن أبداً في حوزتها لعبة حتي ولو من الطين انغمست في هذا الهم مبكراً مثل كثيرين وكثيرات من أقرانها من أبناء القرية لم يكن لديها أية طموحات ولا أمان ولا أمنيات إلي أن وجدت نفسها شابة كاملة الأنوثة شبت عن الطوق في ظل هذه الظروف القاسية التي لا تترك مجالاً للتفكير حتي في النفس ولا المستقبل ووجدت مع هذا الوضع من يطرق بابها للزواج شاب يطلب يدها لا تعرفه ربما تكون سمعت عنه موظف من أبناء القرية تجهل كل شيء عن أسرته وحياته ونشأته لا أسباب عندها للرفض ولا للقبول ولا للكلام ولا للصمت والسكون هي غير قادرة علي التمييز ولا اتخاذ القرار فهي لا تدري أين الصواب وأين الخطأ بل الأدهي والأمر أنها لم تخير كي تختار أو تدلي بدلوها أو تقول رأيها رغم أن الموضوع يخصها وحدها فهي حياتها القادمة ومستقبلها وما تبقي من عمرها لكن الأمور تسير كأن الأمر لا يعنيها اتفاقات وأخذ ورد وهي بعيدة تماماً لكن كل ذلك لم يكن ذا تأثير عليها فهي لا تدري ما هو الأفضل لها غير أن الزواج انتقال من بيت إلي بيت آخر لا تعرف أهله كأنه غربة لا تعرف أحوالها ولا أشخاصها

فجأة وجدت نفسها في طور الاهتمام وافق أبوها علي تزويجها لهذا الشاب أول من طرق بابه يطلب يدها فمن ناحية ستر لها و من ناحية أخري تخفيف من العبء الذي يثقل كاهله من هذه الكومة من العيال كل شيء مر بسرعة فائقة شبكة وخطوبة وقراءة فاتحة ثم عقد القران والزفاف وجدت نفسها لأول مرة لديها ملابس جديدة كثيرة وبعض المجوهرات التي لا بأس بها وأحذية واكسسوارات لم تصدق أن هذا كله لها وبدأت حياتها الجديدة في بيت زوجها تكتشفه وتكتشف صفاته ومميزاته وسوءاته أيضاً كان الشاب هادئاً خلوقاً من عمله إلي منزله والعكس حاول أن يحتويها وحاولت هي أن تعيش في كنفه وتودع حياة الفقر والعوز تبني معه أسرة جديدة يتحقق لها ما لم تستطعه هي ولا هو في بيتي أسرتيهما وانتهي الأسبوع الأول من عمر زواجهما كان كافياً لأن يكون أسبوع العسل فلا مجال لأن تمتد أيام العسل لتكتمل شهراً كما هو معتاد فظروف الحياة أقوي من ذلك وبدأت الأحوال تتغير لتكتشف زوجها علي حقيقته فمع إيجابياته الكثيرة كانت هناك صفة واحدة قادرة علي أن تنسفها جميعاً وتقضي عليها المصيبة أنه لا يستحم ولا يحب الاستحمام رائحة جسده تفوح عندما يقترب منها لا تطيقها ولا تطيقه تبتعد عنه في الغرفة ثم تهجره مضطرة إلي غرفة أخري تكتم أنفاسها عندما يدنو منها تتمني لو يغرب عن وجهها بسرعة لا يهتم بمظهره ولا يهذب شعره ولا يحلق لحيته بدأت تتباعد عنه وهو لا يهتم بشكواها نصحته كثيرا ًوجهته أكثر كانت ترجوه أن يصلح من نفسه فكل ذلك لا يكلفه شيئاً لم تجد أية استجابة هجرته تماماً لم يلق لها بالاً ضاقت بها الدنيا بما رحبت لم تعد قادرة علي تحمل هذه المأساة التي تجثم علي أنفاسها حذرته هددته توعدته لكن النتيجة كانت هي نفسها لا مبالاة عدم استجابة تركت البيت عادت إلي أسرتها فلم تتحمل كل هذا العذاب مع رجل يكبرها بحوالي خمسة عشر عاماً وبه كل العيوب التي لا تطيقها ولا تستطيع أخلاقه أن تمحوها أو تغطي عليها عادت إلي مبيت والدها وهي تعلم أنها ليست عائدة إلي الجنة وتعرف ظروف أبيها وما ينتظرها هناك لكن كان ذلك هو أخف الضررين وأقل الوضعين سوءاً لم يتحرك عنده ساكن ليعيدها تركها هكذا فتوجهت إلي محكمة الأسرة بجرجا تطلب الطلاق قالت إنه تزوجها في قريتهما وجاء بها إلي هنا حيث عمله وفوجئت بتلك الصفات الذميمة التي سببت لها صدمة نعم هي من أسرة فقيرة لكنها تكره القذارة وتحب النظافة خاصة وأن مجرد بعض الماء والصابون إن وجد ولا تكلف شيئاً ثقيلاً أصرت علي تطليقها منه للضرر من هذا الوضع مؤكدة أنها لا تستطيع العيش مع رجل بهذه الرائحة النتنة وأصرت علي طلبها لكن كان لابد من اتخاذ الإجراءات القانونية التي تبدأ باستدعاء الطرف الآخر للرد علي هذه الشكاوي ومعرفة موقفه ومحاولة الصلح والتوفيق بينهما.

في الموعد المحدد حضرت الزوجة الشابة وبعدها بدقائق حضر الزوج مفجراً مفاجأة أذهلت من في مكتب التسوية جميعاً نعم هو يكبرها في العمر لكنه ارتدي ملابس أنيقة حليق اللحية مهذب الشعر كأنه أراد أن يقدم لها حلاً ورداً عملياً بأن ما قالته غير صحيح أو أنه أراد أن يقدم ذلك المشهد كنوع من الاعتذار عما سبق لكن الزوجة التي تعرف زوجها أكثر من الآخرين فاجأت الجميع بأن ذلك مشهد عابر لأنه يعرف الشكوي وأنه سرعان ما سيعود إلي طبيعته فالطبع يغلب التطبع المفاجأة الثالثة أن الرجل نفسه اعترف بكل ما جاء في أقوالها إلا أنه أبدي ندمه وأسفه عن سلوكه هذا وقدم الوعود والعهود والمواثيق أقسم بأغلظ الأيمان أنه سيتغير سيصبح شخصاً آخرجلس يرجوها أن تمنحه الفرصة الأخيرة واجهته بكل جهودها السابقة لإصلاحه لم ينكرها أكد أنه تعلم الدرس وأنه يتمسك بها ولن يفرط فيها بسهولة إنه يحبها لكنه غير قادر علي التعبير عن ذلك كرر ندمه وجدد وعوده فاستجابت للعودة معه وإلا فإن عاد فإنها ستعود تأبطت ذراعه مستغلة لحظات النظافة والأناقة خرجا وهي تحذره وهو يتودد إليها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى