علاء الخضيرى يكتب : المستشفيات الجامعية : مرضى ينزفون وأساتذة غائبون

 

لا احد ينكر ما تقوم به المستشفيات الجامعية في علاج المصريين خاصة من الفقراء ومحدودى الدخل الذين لا يقدرون على تحمل نفقات العلاج في المستشفيات الخاصة والعيادات الخارجية لكن الحقيقة أن تلك المستشفيات التى تمثل صروح طبية عريقة تحتاج إلى نظرة مختلفة فى ظل ما وصلت إليه من تدهور بسبب زيادة أعداد المرضى الذين تستقبلهم قسرا وقلة الإمكانيات المتاحة وغياب معظم الأساتذة عن المستشفى الجامعي لصالح عياداتهم الخاصة وبحثا عن المريض القادر على دفع الفيزيتا الباهظة التى تناسب اسم الدكتور المكتوب على يافطة بارزة ومضاءة بالنيون كنجوم السينما
القاعدة المطبقة في المستشفيات الجامعية في مصر المحروسة أن النواب أو الأطباء المقيمين هم من يقوم بمعظم العمل فى المستشفيات الجامعية ودا العرف الذى يسرى مسرى القانون
لماذا ؟
ببساطة لأن عضو هيئة التدريس فى كليات الطب بتقاضي مبلغ واحد عن قيامه بمهام التدريسية والتعليمية مثل زميله المدرس فى كلية الآداب أو التربية الرياضية مثلا وفى نفس الوقت بيقوم بتقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمرضى مثل استشاري وزارة الصحة فالطبيعى ولأنك فى مصر المحروسة أن استاذ الجامعة فى كلية الطب هيسيب النواب الذين يشرف عليهم يشيلوا الشغل لوحدهم مقابل منحهم درجة الماجستير وتعيينهم فى الجامعة ليقوموا هم بأنفسهم بنفس الدور فيما بعد مع النواب الجدد وهكذا

المهم هل يعلم السيد وزير التعليم العالي هذه المعلومات وهل يعرفها رئيس الجامعة التى تقع المستشفى الجامعي تحت إشرافه ؟الاجابة بالطبع هم يعلموا كل هذا لكن يبدوا أنهم قد استسلموا للواقع المرير واصابهم اليأس من تغييره

والنتيجة الحتمية التى يراها الجميع ورايتها بنفسى أن المستشفيات الجامعية أصبحت مبانى شاهقة وخدمات طبية تقدم بعد طلوع روح المريض وأهله ومئات المشاجرات والاشتباكات بين المرضى وذويهم من جانب وبين النواب من الأطباء من جانب آخر ولا يفصل بينهم سوى رجال الأمن التى وفرتهم الجامعة بكثافة للدفاع عن الأطباء والنواب الذين يعانون من كثرة المرضى وقلة عددهم وبعضهم ينام على المكتب اويهرب لحجرة بعيدة ليستريح ويترك اهل المريض يبحثون عنه بالحلاوة كما يقول المثل البلدى
وهناك قاعدة معروفة فى مجال الطب أن الطبيب لا يحاسب على نتائج علاجه بل على ما اتخذه من إجراءات فى سبيل انقاذ مريضه لكن تلك القاعدة لا تصلح مطلقا للتطبيق فى مصر التى تعانى غياب نظام صحى محترم
وهنا أود أن أشير إلى واقعة شهدتها بنفسى فى مستشفى سوهاج الجامعى حيث رافقت إحدى قريباتى التى سقطت من الدور الثالث وتم نقلها إلى مستشفى سوهاج الجامعى وتصورت أن حالات الطوارئ والاستقبال تحظى بأهمية خاصة وباهتمام مضاعف فالثوانى والدقائق فارقة في حياة المريض لكن هذا التصور لم يدم طويلا فالطبيب أو النائب المسؤول قالها بعفوية المريض مش هيموت لو استنى خمس دقائق وهنا انفعلت وقلت له أنه هيموت لو انتظر دقيقة واحدة ،وفى ظل هذا المشهد البائس من زحام المرضى وعدم تركيز الطبيب المقيم والزحام الشديد للمرضى وذويهم وغياب كامل الإجراءات الاحترازية فى ظل كورونا بدأت البحث عن المسؤول عن إدارة المستشفى في هذا الوقت والحمد لله عثرت على لوحة مكتوب عليها اسم الطبيب أو النائب المسؤول وتليفونه وبدأت محاولات الاتصال عليه لكن دون جدوى وعرفت انها حاجة صورية لزوم التعليمات
المهم أن الإجراءات الإدارية تتم بصورة بطيئة جدا وتضغط على اعصابك مرة أخرى لتسجل المريضة فى كشوف الاستقبال وتمر الساعات طوال لتجرى الاشاعات وتشخص الحالة والمريض وحظه أما أن ينتقل لغرفة الحجز أو ينتقل إلى الآخرة
هنا ما نريده ليس الهجوم على أحد بل البحث عن وسيلة تنقذ المرضى وتعطى قيمة لحياة المريض ،هنا لابد من حل جذري يعيد الاستاذ فى المستشفى الجامعي الى عمله الاصيل ومنحه راتب شهري عن دوره العلاجى والطبى يضاف إلى راتبه كأستاذ جامعة يقوم بمهام التدريس ومن لا يقبل عليه أن يغادر مكانه لصالح اخر يقبل بالمحاسبة قبل المسؤولية
كما يجب أن تخضع جميع المستشفيات العلاجية لجهة واحدة ولتكن وزارة الصحة حتى لا تضيع مسؤلية المحاسبة بين جهات مختلفة ومتعددة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى