توظيف كورونا في مؤامرة .. بقلم سارة السهيل
رغم وحشية الرأسمالية الجديدة فقد حافظت بعض قطاعات الطبقة الوسطى في العالمعلى تماسكها وعدم انزلاقها الى خط الفقر، حتى جاءت حائحة كورونا والتي لم تنته بعدوبحسب تأكيد العلماء والمختصين ان لها موجات اخرى ولا يعرف العالم اين ستنتهي فيظل عدم توافرعلاج ناجع لها حتى الآن، فان الطبقة الوسطى قد تختفي من خريطة العالماذا ما استمرت هذه الجائحة بكل تداعياتها الاقنصادية وتسبب في غلق النشاطالاقتصادي.
يبدو في ظل هذا الواقع القاسي ان كورونا مؤامرة صنعت من أجل الاجهاز على الطبقةالوسطى في العالم وخاصة في دولنا العربية الهشة اقتصاديا ليزداد الاغنياء ثراءوالفقراء فقرا مدقعا وتنزلق الطبقة الوسطى الى هاوية الفقر.
هذا الواقع أكده مؤخرا تحذير المدرسة الروسية العليا للاقتصاد من انتشار الفقر بينممثلي الطبقة المتوسطة وبحسب ياروسلاف كوزمينوف، عميد المدرسة الروسية العلياللاقتصاد، فان دخل جميع طبقات المجتمع الروسي، والطبقة المتوسطة بصورة خاصة، قدتراجع نتيجة أزمة الاقتصاد الوطني المتصلة بتدابير الحد من تفشي كورونا.
وأعرب عن قناعته بأن الأغنياء سيبقون أغنياء حتى بعد فقرهم، والفقراء سيبقون فقراء،أما الطبقة المتوسطة، التي تحمل الآن العبء الأكبر، فهناك مخاطر جدية من أن تنزلق نحو الفقر.
وبينما أتخذت الحكومات عدة اجراءات لدعم الفقراء ومحدودي الدخل باعانات رمزيةتحفظهم من المجاعة فان الطبقي الوسطى تعرضت لازمات بخفض رواتبهم الحكومية اوفقدانهم لوظائفهم في القطاع الخاص، او غلق محلات وورش اعمالهم، ناهيك الى لجوءبعض الدول لفرض ضرائب جديدة على المواطنين لتدبير اموال لمواجهة تداعياتكورونا او الغائها الدعم على بعض الخدمات كالكهرباء وغيرها كما هو الحال في مصر،أما في لبنان فقد اجهزت كورونا على الطبقة المتوسطة تماما خاصة في ظل فسادحكومي مستشري سياسي واقتصادي اضاع قيمة الليرة ورفع سعر شراء الدولار.
وفي الاردن فقد الكثيرون وظائفهم نتيجة اغلاق اصحاب الأعمال والحرف انشطتهم ودخلبعضهم في خانة الفقر.
و في العراق التي تعاني ما تعاني من اقتصاد و فساد و قلة انتاج
تاثر السوق العراقي بجائحة كورونا من حيث استيراد السلع الغذائية والمحاصيلالزراعية الذي يبلغ 12.4 مليار دولار سنويا من إجمالي الاستيراد الذي يتجاوز 40 مليارا،حيث ان الانتاج المحلي العراقي لا يصل لمستوى الاكتفاء الذاتي بسبب عدم تنفيذقانون التعرفة الجمركية كما ان سعر صرف الدولار بصالح الاستيراد .
مما يساهم في الازمة الاقتصادية و التنمية وبالتالي تتاثر الطبقة الوسطى و يزداد الفقر
و في عامة البلدان تسببت جائحة كورونا في زيادة أسعار سلع الخدمات وزيادة معدلاتالبطالة والضرائب مما ادخلها في حالة من الركود الاقتصادي خاصة بعد ان عجزتالطبقة الوسطى عن تلبية احتياجاتها اليومية بفعل هذا التضخم.
فالتحديات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورنا كما ظهر للجميع حتى الآن ستقضيعلى ما تبقّى من الطبقة الوسطى بفعل تراجع الانتاج والدخل الشهري والقيمةالسوقية نتيجة لتحديات الملف الإقتصادي وتضاؤل الإنتاجية والمدخولات وضعف القوةالشرائية نتيجة التضخم.
واذا كانت الطبقة الوسطى تمثل القوة الشرائية الاكثر قيمة وايضا اعتدالا في العالم،فلصلاح من يتم تآكلها والاجهاز عليها تارة بفعل عوامل من الفساد وأخرى بتأثيراتالرأسمالية الجديدة، وثالثة بفعل كورونا وكأنها مؤامرة وخيانة بحق هذه الطبقة؟
الخالق العظيم جل شأنه جعل الناس درجات، وجعل الافضلية في الزمان والمكان وحتىجعل في الجنة والنار درجات، وعلى ذلك فان هذه الدرجات من سنن الله في خلقه، وكل منيحاول تغيير هذه السنن يكون وبالا على العالم، وأظن العالم لم يعد يحتمل وبالا اكبر منكورونا.
على ذلك، فانني ادعو حكومات وقادة العالم شرقا وغربا الى الحفاظ على الطبقةالوسطى من الانحدار لطبقة الفقراء، باعتبارهم عامود التوازن الاجتماعي والاقتصاديبالعالم، وأي خلل لهذا العامود يؤدي الى انهيار هذه المجتمعات.