المفكر الإسلامي ابن المقفع من دعاة التنوير والتجديد في العالم [ 1 ]
بقلم / عبد العزيز فرج عزو [كاتب وباحث ]
ولد الأديب والمفكر الإسلامي والكاتب الكبير عبد الله ابن المقفع رحمه الله في قرية
بمدينة فارس اسمها جور [وهي بدولة إيران الآن]
ويقول بعض المؤرخون انه ولد في مدينة البصرة بدولة العراق سنة 724 م
وقد عاصر الدولة العباسية والأموية وقد درس اللغة الفارسية والعربية
وعلوم الدين والأدب والتاريخ وغيرها في منتصف عمره وقد عرف الأديب
عبد الله ابن المقفع بالكرم والسماحة والأخلاق الحميدة والايثار و الصدق والحفاظ
على الصديق والوفاء للصحب وكان أيضا له سعة وعمق في الدين و العلم والفكر
والأدب والثقافة وقد قضي عبد الله ابن المقفع معظم أيام عمره القصير بين الكتب
والمكتبات وشغل نفسه بالعلم ومجالسة العلماء.
وقد قيل عن عبد الله ابن المقفع رحمه الله الآتي::-
[ ما رُزِقَت العربية كاتبًا حبب الحكمة إلى النفوس كابن المقفع، فإنه يعمد إلى الحكمة
العالية فلا يزال يروضها بعذوبة لفظه ويستنزلها بسلاسة تراكيبه حتى يبرزها للناس
سهلة المأخذ بادية الصفحة، فهو من هذه الجهة أكتب الحكماء وأحكم الكتاب]
ويقول الراغب الأصفهاني رحمه الله عن ابن المقفع [ كان ابن المقفع كثيرًا ما يقف إذا
كتب، فقيل له في ذلك فقال إن الكلام يزدحم في صدري فأقف لتخيره].
وابن المقفع رحمه الله تعالي كان من أبرز ضحايا السلطة العباسية والأموية وتزييف
المؤرخين والكتاب وقد تشابهت المصادر وكتب التراجم في سرد قصته التي انتهت بنهاية
مأساوية بتهمة الزندقة ظلما وافتراءا وقتله بأبشع أنوع القتل والتمثيل بجميع أعضاء
جسمه وحرقه بعد ذلك وقد تناقلتها هذه المصادر دون تمحص ودون التأكد لتاريخ هذا
المفكر والأديب الصالح والصادق والمحب للخير لدينه ولوطنه وأيضا دون قراءة للواقع
السياسي في ذلك العصر الذي عاش فيه ابن المقفع رحمه الله فالحقائق التاريخية والأدلة
السليمة تنفي عنه هذه التهمة الظالمة والمفترية عليه من قبل أعداء الحق والخير وهم
الذين نسبوا له كلام مزور بانه شتم الخليفة بأمه وهذا ليس من خصال الخير والورع
والأخلاق والتي تميز بها ابن المقفع في حياته وأيضا وهي التي جاءت في كتبه الطيبة
التي ألفها وهي التي لا تجعله أبدا يتلفظ بكلمات فاحشة في حق الخليفة أو غيره وإنما
تم قتله لأشياء أخري تتناول الحق والعدل والحرية والتكافل الاجتماعي للحكام والمحكومين
في كل مكان وذلك في الكتب التي كتبها منها كتاب [ كليلة ودمنة ] والتي تكلم فيها علي
ألسنة الحيوانات والطيور في بعض الأمور الأخلاقية والقيم الحميدة بصفة عامة للمجتمع الذي يعيش فيه ومن هنا زج المنافقين به إلي الخليفة وزورا الحقائق والكلمات وتلفيق التهم الظالمة لشخصه ومن هنا كان قتل الأديب ابن المقفع رحمه الله ظلما وافتراءا ولذلك فإن جناية التأريخ
بحق هؤلاء المفكرين العظماء لا تغتفر فمتى نصحح تاريخنا ونقرأه قراءة حقيقية وصحيحة
تدين الظالم وتنتصف للمظلوم؟ [ وللموضوع بقية].