علاء حمدى قاعود يكتب..عبدالناصر مازال يسكن أرواحنا
اثنين وخمسون عاماً مرت على رحيل زعيم الأمة جمال عبد الناصر، ومازالت أحلام فتى العروبة وابنها البار تسكن قلوبنا وأفئدتنا..
عزة العرب، كرامتهم، وحدتهم، فلسطين، حريتهم، استقلالهم وثرواتهم وكل ما يمت إلى تقدمهم وتعزيز مكانتهم، عمل لها القائد العربى الكبير جمال عبد الناصر حتى وافته المنية يوم الثامن والعشرين من سبتمبر 1970 ذلك اليوم الأسود فى شهر ملىء بالأحزان والذكريات المؤلمة قبل وفاته، وبعدها لقد تربى جيل كامل على مبادئ وقيم ناصر وناضل أكثر من جيل لتحقيق الأهداف التى رسمها من أجل وحدة الأمة وعودة فلسطين لأهلها وتحت عناوين القيم والمبادئ والمفاهيم الثورية التى بذر بذورها وأرسى أسسها فى خمسينيات وستينيات القرن الماضى حين كان يشير بيده فتتجه الأنظار إلى ما يشير إليه وحين كان يطلب تلبى القلوب قبل السواعد ما أراد وطلب..
فسلام على روحه الطاهرة وسلام على كل من ناضل بجانبه وعاضده يوم أن تصدى ببسالة العظماء الملهمين لمعارك الحصار والتجويع والتركيع التى شنت عليه من الاستعمار وأعوانه، سواء فيما يخص بناء السد العالى أو بعد تأميم قناة السويس وقبلها فى كسر احتكار السلاح ودعوته للحرية وتصديه لحلف بغداد وغيره من المؤامرات فى أكثر من قطر عربى لإبقائنا تحت هيمنة الدول الكبرى الناهبة لثرواتنا، وخصوصاً النفط، ولا تزال بعض تلك المعارك تدور رحاها حتى اليوم ولا تزال أصداء تلك المعارك تتردد فى جنبات الوطن العربى ولا تجد من يكملها بذات السوية التى رآها فقيدنا العظيم، ولا بتلك الروح الوثابة والواثقة التى خاض بها الرئيس جمال عبد الناصر تلك المعارك..
إن حال الأمة اليوم أحوج ما يكون لتمثل قيم وأهداف وسلوك ذلك الفتى القادم من أعماق صعيد مصر ومن حر قبائلها العربية من بنى مر، ليقيم دولة العدالة والكرامة فوق تراب مصر الذى تم تدنيسه لألف سنة بأقدام الغزاة والمماليك ودويلات الطوائف، لقد كان يوم رحيله يوم حزن وفجيعة، حيث إن مواصلة الدرب الصعب سيكون مكلفاً وشاقاً، وها نحن اليوم نرى بأم العين كيف تخلى الوارثون عن إرث قائدهم لندخل وتدخل الأمة حقبة الظلام والموت ونجد أنفسنا اليوم أبعد ما يكون عن تلك الشعارات القومية العظيمة التى نادى بها زعيم الأمة وبطلها الذى ودعته كما يليق بأبطال التاريخ وصانعيه، لماذا نحتفل كل عام بذكرى وفاة جمال عبد الناصر ونقيم لذلك المهرجانات ونلقى الكلمات ونترحم على إرثه وتاريخه الناصع..
لاشك أن العظماء يؤسسون بأعمالهم وإنجازاتهم مكانة تتلاءم مع ما أنجزوه وأبقوه لشعبهم ولأمتهم، وفى هذا المقام فإن الإجابة عن السؤال تطال هذا الأمر وتجليه بأسطع ما يكون من الحقيقة والواقع، كما الوقائع والنموذج الذى تركه صاحب الذكرى، هل نتحدث عن تحرير الفلاح المصرى من ربقة العبودية والمهانة أم نتحدث عن إنهاء الملكية البغيضة ومباذلها وفسادها أم عن تحرير الاقتصاد الوطنى وتأميم القناة أم عن التعليم المجانى والرعاية الصحية وكل ما يمت لرفاهية الشعب المصرى وتحريره من الإقطاع ورأس المال التابع والاستغلال البشع والفروقات الاجتماعية المهينة، إلى آخر تلك الإنجازات التى تمثل خير شاهد على ضخامة إنجازاته ونوعيتها أم نتحدث عن النموذج فى الإنسان الخلوق والمحب لأهله وبلده نزيه القلب نظيف الكف والبعيد عن كل ما يفسد المرء ويجعله عبداً لنزواته أو شهواته إنه القائد الذى رحل عن عالمنا وهو لا يملك أى رصيد فى حسابات البنوك المصرية أو غير المصرية ولم يورث أبناءه وبناته لا القصور ولا الشركات ولا الأموال المنهوبة من قوت الشعب ولقمة عيشه، ولو اقتصر الأمر على النزاهة والصفات الشخصية ونظافة اليد واللسان لكفاه ذلك تبجيلاً واحتراماً بين أبناء أمته العربية وشعب مصر الذى كان له وفياً فى السراء والضراء.
ماذا نقول عن تجربة الوحدة مع سوريا وكل تجاربه الأخرى، غير أن الرجل استجاب لنبض الناس وأحلامهم فتحمل تبعات ذلك قلقاً وفشلاً ودرساً يستفاد منه للقادم من زمن نرجوه عزيزاً كريماً كما حلم به صاحب الذكرى، هل نتطرق لدعمه للثورات العربية وتحرر الأمة فنذكر الجزائر واليمن وفلسطين وتونس ولبنان نتذكر اليوم بكل الفخر ذلك الالتزام الكبير والمكلف بوحدة الوطن العربى وتداعيه لنصرة كل قطر يتعرض للخطر وكم كانت مروحة تأثيره واسعة ليس فى الوطن العربى فقط بل فى كل الدنيا آسيا أفريقيا أمريكا اللاتينية وفى كل مكان يتعرض فيه الإنسان للظلم وتجاه كل بلد يتعرض للعدوان وانتهاك الحرية والسيادة إن نموذج عبد الناصر صاحب الثورة النظيفة والذى لم تتلوث يداه بدم أبناء بلده لم يتكرر حتى اللحظة فى انتظار أن يأتى قائد يرفع راية الأمة وأحلامها فوق أعلى جبل فى الوطن العربى وينادى يا أمة العرب ويا أمة جمال عبد الناصر حان موعد الحرية والاشتراكية والوحدة. حان موعد فلسطين وكل أرض عربية مغتصبة لتعود إلى موطنها وأهلها اليوم، ونحن نحتفل بالذكرى الثامنة والعشرين لرحيل أعز الرجال نتأسى بخلقه الرفيع وبهمته العالية وروحه التى مازالت تلهمنا لمواجهة الاستعمار وأعوان الاستعمار كما كان يحلو له القول وهو يصرخ يا أمتى إلى الأمام وسننتصر لجمال عبد الناصر علينا أمران الأول الترحم على روحه الطاهرة صباح مساء ونحن والله نفعل والثانى أن نسير على هدى خطاه الشريفة وصوب الأهداف والقيم التى نادى بها وأمل أن تحقق لنا العزة والكرامة فهل نفعل؟