عندما تكون ثوره 25 يناير موضوعا للحوار..؟

 

ضيف الحوار:
الباحث والكاتب والسياسى محسن رشاد أبو بكر صاحب العمل الأدبى “فى حضره سيدنا الميدان”

مع إقتراب ذكرى ثورة ٢٥ يناير من الأهمية أن نعيد النظرة للميدان لندرك ما له وما عليه.

المحاوره:
د. رانيا الوردى
أستاذ مساعد الأدب الألمانى بتربيه عين شمس
رئيس منتدى الحوار العربى الأوروبى بإتحاد الكتاب والمثقفين العرب منذ ٢٠١٩.
عضو الهيئه الإستشاريه العلميه لهيئه إنست الدوليه بفيينا الداعمه للحوار الثقافى القومى والعابر للقوميه منذ ٢٠١١ وحتى ٢٠١٩ وعضو مجلس إدارتها منذ ٢٠١٩
عضو مجلس إداره الجمعيه العلميه للكاتب النمساوى الثائر يورا صويفر بفيينا منذ ٢٠١١ وحتى الآن

السؤال الأول :ارجو تعريف نفسك للقارئ؟

الاجابة:

محسن رشاد أبو بكر، باحث، حاصل على الماجستير فى إداره التنميه، وأقوم بتحضير الدكتوراه فى موضوع الإقتصاد البيئى، عملت مع مجتمعات محليه فى ريف وحضر مصر واليمن وعمان و السعوديه، مما أتاح لى فرصه التواصل الإنسانى مع شرائح وأنماط إنسانيه مختلفه.
بالإضافه إلى كونى باحث، فأنا كاتب صدر لى مجموعه قصصيه بعنوان “كازينو بيض النعام” وروايه بعنوان “بمب لا”. هذا بالإضافه إلى مشاركتى فى كتاب أنطولوجيا القصه العربيه القصيره بالإشتراك مع أدباء من مصر و سوريا والمغرب. وأيضا نشر لى بعض المقالات والقصص القصيره فى جرائد ورقيه ومواقع إنترنت مصريه وعربيه.
دائما بحب أن أبدأ بتعريف نفسى بكونى باحث قبل أن أكون كاتب، لأنه حتى محاولاتى فى كتابه الأدب تأتى غالبا فى مساحه وسيطه بين الأدب والأنثروبولوجيا. وهى مساحه لا يكتب فيها كثيرون. وهذا ليس إختراعى. هناك كتابات نقديه كثيره تتحدث عن هذا النوع من الكتابه فى العالم، وأهمهما الكتابات الخاصه بأدباء أمريكا الاتينيه. ومن أكثر الكتاب العرب الذين لديهم محاولات ودراسات نقديه فى هذه النوعيه من الكتابه هم كتاب دول المغرب العربى: تونس والجزائر والمغرب.
وبالنسبه لنشاطى السياسى فقد كنت عضوا سابقا فى الهيئه العليا لحزب الجبهه الديمقراطيه ثم حزب المصريين الأحرار، ولكنى الآن لا أمارس أى نشاط سياسى.

السؤال الثانى:
لماذا إكتسب ميدان التحرير فى عملك الأدبى هذا القدر من القدسيه لدرجه توصيفه فى العنوان ب “سيدنا الميدان”؟
الإجابه:
الحقيقه أن تاريخ ميدان التحرير تاريخ قديم فى مثل هذه الأحداث. ليس عملى هو الذى يعطى له القدسيه، بل أعمال كثيره أكدت على هذا الدور، الذى لعبه ميدان التحرير فى أحداث سابقه. ولا نستطيع طبعا أن ننسى قصيده الراحل أمل دنقل “الكعكه الحجريه”، التى كتبت عندما خرج الطلبه إلى ميدان التحرير عام 1972، وكانوا يطالبون “السادات” بإنهاء حاله الاسلم والاحرب. وإستلهم دنقل عنوان قصيدته من قاعده النصب التذكارى، الذى كانت الحكومه فى هذا الوقت بتقوم ببنائه وسط ميدان التحرير، ولم يكن البناء قد أكتمل.
أى أن ميدان التحرير موجودا فى العقل الجمعى للمصريين كمكان للتجمع والإحتحاج على سياسات الحكومه. وبعد هذا التاريخ كانت إنتفاضه عام 1977 فى ميدان التحرير، حيث تجمع الكثير من الناس هناك. وأيضا المظاهرات، التى خرجت إحتجاجا على ضرب العراق فى مارس 2003. أى أن ميدان التحرير لديه قدسيته، التى صنعها العقل الجمعى المصرى وليس عملى أو أى أعمال أخرى. قد يكون السبق فى تقديس ميدان التحرير يرجع للشاعر الرائع أمل دنقل، عندما كتب قصيدته “الكعكه الحجريه”.

السؤال الثالث:
أحد المشاهد القصصيه لهذا العمل الأدبى يحمل عنوان ” وعلى المقيمين خارجه مراعاه فروق الأحلام”. هل معنى ذلك أن أحلام ميدان التحرير لم تصل عنفوان التأثر بها من كان خارج الميدان أم أن أحلام ميدان التحرير – كما أوضح العمل الأدبى – لم تكن موحده الأهداف والإستراتيجيات بين الفصائل والأشخاص مما أحدث تشتيتا لدى من هو خارج ميدان التحرير؟
الإجابه:
سأقص على حضرتك شئ، يكاد يكون نكته، ولكنه يجيب على هذا السؤال. هناك العديد من الثوار عشقوا حاله الميدان. كنا نقول لهم: ” لو الثوره حققت كل أهدافها، إنتوا هتزعلوا، مش حتنبسطوا، لأن ده معناه مش حيبقى فيه نزول لميدان تانى للتظاهر وإبداء رأى إحتجاجى.”
الحقيقه أن الوجود فى الميدان فى هذه الأيام كان مختلف تماما عن الوجود خارجه. أنا عن نفسى كنت بشعر أن داخل الميدان شئ وخارج الميدان شئ آخر. ليس من المهم هل هو أحسن أم أسؤ. المهم أنها كانت حاله مختلفه تماما. تخيلى لما تشعرى أن كل جسمك وجوارحك بتكون فى حاله نشوى، عندما تكونين داخل الميدان. داخل الميدان الناس كلها بتكون فى حاله نشوى وهيام مع أحلامها الشخصيه وأحلامها العامه للبلد ولأصحابها وجيرانها. وتظل هذه الحاله ملازمه للفرد طوال تواجده داخل الميدان. وعند الخروج من الميدان بيبقى الفرد أيضا لديه أحلام لنفسه ولبلده ولكل الناس حوله، ولكن الحاله بتكون أكثر عقلانيه ولديها سقف. داخل الميدان بيكون الفرد طائر، ولا يوجد سقف لأحلامه لنفسه أو لغيره أو لبلده. قد تكون هذه الحاله غير موضوعيه، وسبب من أسباب نزوع كثير من الثوار لحلول غير واقعيه. أعتقد أن الموضوع يحتاج لدراسات متخصصه أكثر وليس مجرد نص أو عمل أدبى.

السؤال الرابع:
من الأجزاء الهامه التى وردت فى هذا العمل:
” وقد كان إعتصامنا حتى رحيل مبارك، ولكن من الواضح أننا وكل القوى والتيارات السياسيه – باستثناء الإخوان المسلمين – لم نكن مستعدين للتعامل مع هذا الكم الهائل من الجماهير التى خرجت إلى الشوارع، ولم نكن نعرف جيدا كيف يمكن تنظيمها وتوعيتها بحقوقها فى وقت قصير. وعلى ما يبدو أننا ما زلنا – حتى تاريخه – لا نعرف كيف يمكن تنظيم الناس فى أحزاب وحركات سياسيه تعبر عن أحلامهم وطموحاتهم وأفكارهم…….. وقد نطق المولود، قبل أن يحبو ويمشى، ماذا نفعل حتى نحول كلماته وطلباته إلى واقع معاش؟”
هل تعتقد أن عمل حضرتك الأدبى وغيره من أعمال يمكن أن يسهم فى توضيح أوضاع الأحزاب السياسيه فى مصر، ومن ثم زياده الوعى السياسى بين طبقات المجتمع المختلفه، ولاسيما القيادات الشبابيه للأحزاب فى مصر؟
الإجابه:
طبعا. لابد لكل الأحزاب والحركات السياسيه أن تدرك أنها لا تصنع شيئا على الإطلاق لنشر دعوتها بين الناس. (وما هو السبب فى ذلك؟) هناك من سيقول الملاحقات الأمنيه من النظام الحاكم. ويكون ردنا عليه: الأخوان المسلمين كانوا طوال الوقت مستهدفين، ويتم ملاحقتهم أمنيا، ورغم ذلك إستطاعوا أن ينشروا دعوتهم بين الناس. وهناك من سيقول أن الإخوان بيرتكزوا على البعد الدينى ويغازلوا الناس من خلاله. أقول لهم أنه من البديهى أن يفكر كل حزب وحركه سياسيه فى فكره ما، يغازل الناس لدعوتهم لتصديق وإعتناق أفكاره. الإخوان كان عندهم شبكه من المؤسسات تقدم خدمات حقيقيه للمجتمعات وبخاصه الفقيره فى الأرياف والأحياء الشعبيه: مستشفيات، مدارس، ورش نجاره، تجاره ملابس وأحذيه الخ. أنا رأى أن تلخيص نجاح الإخوان فى التجذر داخل المجتمع فى البعد الدينى فقط يعتبر تسطيح لتجربته فى الوصول لعدد كبير جدا من الناس. أعتقد أن أكثر شئ ممكن أن يكون مؤثر فى نجاح الإخوان فى الوصول لهذا العدد الكبير من الناس وهذا العدد الكبير من القيادات والمريدين يرجع إلى أشياء كثيره أهمها فكره الإيمان. وأنا لا أقصد هنا الإيمان بمعنى الدين ولكن الإيمان بفكره لدرجه إنك تعتبرها قضيتك، التى من الممكن أن تموت من أجلها. كام واحد فى مصر ممكن يموتوا عشان فكره الإشتراكيه ولا اليبراليه؟ يمكن لو فكرتى تحصريهم، حتلاقى نفسك قادره تعديهم على صوابع إيدك، أما لو فكرتى تحصرى الناس الى عندها إستعداد تموت عشان فكره الإخوان، حتلاقيهم كتير جدا. أحب أن أكرر مره أخرى، لا يمكن إرجاع هذا فقط لفكره الدين ولكن لقدره الإخوان على التجذر فى المجتمع من خلال شبكه علاقات ومؤسسات إجتماعيه وإقتصاديه وتعليميه واصله للأرياف والأحياء الفقيره فى مصر. أغلب الأحزاب والحركات السياسيه فى مصر سواء كانت مرجعيتها إشتراكيه أو ليبراليه هتلاقى فيها كتير ما يعرفوش حاجه اصلا عن الفكره وعن لائحه الحزب ولا الحركه التى ينتمون إليها. ممكن حد يقول أن الفلوس ممكن أن تكون عائق أمام الأحزاب السياسيه. اعتقد أن هذا ليس هو السبب بدليل إن عندنا فى الفتره الأخيره تجربه حزبيه لم يكتب لها النجاح على الرغم أنه لم يقابلها أى مشاكل ماديه وكان واقف ورائها رجل أعمال شهير.

السؤال الخامس:
تعقيبا على إجابه حضرتك فى السؤال السابق، هل لابد أن يرتبط إيمان الفرد بالفكره بالقدره والإستعداد على التضحيه بالنفس من أجل هذه الفكره ولاسيما ونحن نتحدث عن مجرد عمل حزبى وليس معارك حربيه أم أن الأمر يتطلب فى إطار العمل الحزبى والسياسى إرتباط إيمان الفرد بالفكره بالقدرات العقليه المتوهجه التى توضح بالأدله العقليه والحجج والبراهين أهميه الفكره فى عبور أزمات وتحديات، كما يرتبط إيمان الفرد بالفكره بالحماسه التى تثير مشاعر الأفراد نحو هذه الفكره.؟
الإجابه:
طبعا لا يوجد أحد يضحى بنفسه من أجل مائه جنيه أو حتى مليون جنيه. لا يوجد أحد يقدم روحه من أجل شويه فلوس ولكن ممكن أن يقدمها من أجل فكره.

السؤال السادس:
تفسر حضرتك بأيه عدم قبول الميدان فى عمل حضرتك الأدبى لمظاهرات جماعه الإخوان والسلفيين المطالبه بالدوله الإسلاميه على الرغم من إستعداد جماعه الإخوان للتضحيه بالنفس من أجل فكره وعلى الرغم من تجذرهم داخل المجتمع – كما أوضحت حضرتك سابقا؟
الإجابه:
أنا لم أقل أن الميدان رفض. يمكن يكون قصد حضرتك القصه الأخيره “راندا” والتى يتضح فيها إستغراب الطفله من وجود ناس ملتحين ولا يرسمون علم مصر على جباهم وخدودهم. والقصه إنتهت بمرور بعض السلفيين الذين كانوا فى الميدان على واحد غلبان بيشتغل ساحر، واقف يعمل فقرات سحر من نوعيه إنه يأخذ المنديل من جيب إلى واقف ويحوله له إلى حمامه. مصر فيها حاجات كتير، يمكن مش متسقه مع بعضها، لكنها فى نهايه الأمر موجوده. هتقولى حضرتك: ما عروض السحره موجوده فى العالم كله. حقول لحضرتك. آه موجوده، بس إنها تبقى موجوده على رصيف يبعد متين متر عن ميدان كان فيه ناس ممكن تموت لأنهم عاملين دعوه لمظاهره مليونيه ضد النظام. مصر مش مجرد دوله، مصر مكان وزمان خاص، يمكن يكون فيه شبه من دول تانيه، بس مش كتيره. بس لازم نصدق أن مصر دوله لها زمانها ومكانها الخاص الى يخليها غريبه ومحتاجه مجهودات أكبر مننا عشان نفهمها أكثر ونحاول أكثر أن نساعدها.

السؤال السابع:
إلى ماذا ترمز الفتاه البريئه فى عمل حضرتك الأدبى، التى إلتقطها أحد الإخوان المشاركين فى مظاهره تنادى بالدوله الإسلاميه فقامت بحلاقه ذقن الرجل ورسم صوره علم مصر عليه فألقاها على الأرض فتحول جسدها إلى رذاذ على الإخوان فيتم حلاقه ذقونهم ورسم صوره مصر عليه؟
الإجابه:
بترمز لكل واحد نزل الميدان عشان مصر كفكره، ممكن جواها مسلم ومسيحى، فقير و غنى، من قبلى ومن بحرى، مش نازله وفى دماغها فكره واحده عايزه تفرضها على مصر. التاريخ بيقول أن قيمه مصر الحقيقيه فى تنوعها وقدرتها على إستيعاب كل الناس رغم تعدد ديانتهم ومعتقداتهم وإهتمامتهم. ولما يظهر واحد من داخل مصر نفسها وعايز يفرض فكره واحده على كل أهلها، وحتى لو الديمقراطيه جابته بالصندوق، لازم قبل ما يبدأ شغله، يرسم علم مصر على جبهته، زى ما راندا ( فى القصه ) رسمت علم مصر على جبهه السلفى الذى حملها لينقذها وكأنها تقول له: مش حصدق إنك بتنقذنى قبل ما أشوف علم مصر على جبهتك.

السؤال الثامن:
هل تعتقد حضرتك أن ظهور شخصيات محوريه فى الأعمال الأدبيه تتمتع بوعى سياسى عالى ولديها خلفيه عن التطور التاريخى للأحزاب السياسيه فى الدول الديمقراطيه، ممكن أن يسهم فى زياده الوعى السياسى لمختلف طبقات الشعب ومن بينهم القيادات الشبابيه فى الأحزاب السياسيه؟
الإجابه:
ممكن طبعا، ولكن الأدب ليس مرآه مستويه للواقع. مش شرط أن الأدب ينقل الواقع كما هو. ولهذا السبب فإن الأعمال الموجهه بتكون دائما ضعيفه فنيا. الأفضل أن يتم ذلك من خلال قاعات درس محدد الأهداف.

السؤال التاسع:
ورد فى عملكم الأدبى عباره تنتقد فيها المثقفين وغياب دورهم المأمول:
“ومازال الكثير من السياسيين والأدباء والفنانين والمثقفين يتلذذون بقعدات القهاوى والبارات والنوادى الأدبيه والثقافيه الخاويه من الناس”
ما هو الدور الذى كنت تأمل أن يقوم به المثقفون فى الميدان؟
الإجابه:
فى الحقيقه أننى تحدثت فى أحد الأسئله السابقه عن هذا الموضوع بشكل غير مباشر. ولكنى سأعتبر هذا السؤال مركزا على فترات المشاركه الجماهيريه الكبيره فى بدايات الثوره. كان لدينا لمده عام تقريبا مظاهرات مليونيه فى كل شهر فى ميدان التحرير وغيره من الميادين الكبيره فى محافظات مصر. فمثلا لا يمكننا أن ننسى ميدان القائد إبراهيم فى الإسكندريه، وميدان الأربعين فى السويس وميدان المديريه فى بنى سويف وغيرها من الميادين، التى شهدت زخم وتواجد لناس عاديين جدا لأول مره يشاركوا فى مظاهرات. ناس كتير نزلت للتعبير عن رأيها، بغض النظر عن مدى صحه موقفها. المهم بالنسبه لى هنا أننا كنا لمده عام أو أكثر لا يمر شهر من غير نزول مئات الآلاف إلى الشوارع للتعبير عن رأيها. أين كانت إذن كل الأحزاب والحركات السياسيه من هؤلاء الناس؟ هل فكروا مثلا فى إطلاق مجموعات من أعضاء الحزب للتواصل مع الناس ومحاوله إقناعهم بأيدولوجياتهم السياسيه ودعوتهم للمشاركه فى نشاطاتهم الثقافيه والسياسيه. أستطيع أن أجزم أن هذا لم يحدث بجد وبشكل علمى. عندما تجد مئات الآلاف من الناس فى حاله غليان دفعتهم للمشاركه فى المظاهرات وعلى الرغم من ذلك تكون الأحزاب غير قادره على التواصل معهم وإقناعهم بأفكارهم… متى ستقوم
الاحزاب إذن بهذا الدور؟

السؤال العاشر
تطرقت فى عمل حضرتك الأدبى إلى عده نماذج إيجابيه من الثوار، منهم على سبيل المثال محمد سيد فى بورتريه “فنى إخلاص”، الذى وصفته بأنه مواطن مصرى بيحب كل الناس ويصدقهم ويتمنى أن يرى مصر حره بجد، وعنده إستعداد يعمل أى حاجه من أجل مصر حتى ولو قدم روحه ثمنا لذلك. وكما تطرقت حضرتك إلى هذا النموذج الإيجابى من الثوار، تطرقت حضرتك إلى نماذج سلبيه تواجدت فى الميدان من بينهم على سبيل المثال العميل الروسى، الذى حاول الإستفاده من وجوده فى الميدان ببيع السجائر الروسيه، وعدوله، المرأه النحيفه جدا التى نزلت الميدان باحثه عن من يغازلها، ولكنها شاركت الثوار هتافاتهم وأنهت الهتافات بمفردها بعباره “أنا عدوله”. كما تطرقت إلى الأطفال الذين كانوا يضربون مبنى وزاره الداخليه فى بورتريه “لعبه الثوره”. هل أدت مثل هذه النماذج السلبيه إلى تشويه الثوره والثوار وأوجدت فجوه بين من هو داخل الميدان ومن هو خارجه؟
الإجابه:
أولا تصنيف النماذج إلى إيجابيه وسلبيه هو تقدير للقارئ، قد يتسق مع تقدير الكاتب وقد لا يتفق. يعنى مثلا النماذج، التى ذكرتيها حضرتك مثل العدوله والعميل الروسى وتصنيفهم كنماذج سلبيه من الثوار ، انا لست متفق عليه ولم أكن أقصد تقييمها ولكنى كنت أقصد عرضها كما هى (بعبلها كما يقال)

السؤال الحادى عشر:
المتأمل فى الأدب الثورى للدول الناطقه بالألمانيه فى مراحل ما قبل الطفرات الإقتصاديه والتحولات السياسيه ولاسيما لدى الكاتب النمساوى يورا صويفر والكاتب الألمانى إرنست تولر يتضح لديه كيف كانت الثوره فى الأساس ثوره إصلاحيه متعدده الأبعاد، تهدف على المدى القصير والمتوسط والطويل إلى إعاده بناء إنسان وإعاده بناء مجتمع. وتشمل هذه الأبعاد الثوريه – كما عرضتها الأعمال الأدبيه للكاتبين – ثوره الإنسان ضد نفسه بما تتضمنه من ثوره أخلاقيه وأخرى ثقافيه تعيد بناء العقليه الثقافيه للإنسان ليولد الإنسان الجديد القادر على بناء المجتمع فى إطار ثوره صناعيه وعلميه وتكنولوجيه تتم بقيادات عماليه مستنيره، ثوره ثقافيه تعبر عن صراع فكرى بين جيل الآباء وجيل الأبناء وتعبر بالجميع للمستقبل وحراك فكرى يدعم من ناحيه زياده الوعى السياسى لدى قطاعات مختلفه من المجتمع ويزيد من ناحيه أخرى فرص ظهور أحزاب سياسيه منطلقه الأيدولوجيات الفكريه من أرض الواقع. لماذا إقتصر مفهوم الثوره فى العمل الأدبى لحضرتك على الثوره ضد النظام الحاكم فقط؟ وهل هذا هو النمط الوحيد للثوره الذى ساد فى الميدان؟ وهل يمكن أن يسهم الأدب والأدباء الآن فى مصر والوطن العربى فى توظيف الأدب ولاسيما الأدب الثورى لدعم إعاده بناء إنسان وإعاده بناء مجتمع؟
الإجابه:
الناس عندما تثور يكون ذلك دائما ضد الحاكم، لأنه رأس النظام، الذى أوصلهم لهذه الحاله. ده شئ طبيعى. ورغم ذلك الكتاب يحتوى على بورتريهات ومشاهد قصصيه كثيره، ليس لها علاقه مطلقا بفكره الثوره ضد الحاكم. على سبيل المثال بورتريه توته أو عدوله فى قصه (صديريه لقزمه نحيفه جدا) لم ينزلوا إلى الميدان للثوره ضد الحاكم على الرغم أنهم شاركوا فى كل أفعالهم وهتافتهم. لقد نزلوا إلى الميدان للثوره ضد أوضاعهم والحديث مع ناس يمكن أن يسمعوا شكواهم ويبوحوا لهم. هناك نوعيات من الناس أكثر بساطه بكثير من مجرد نطق هذه المقوله ( الثوره ضد النظام أو ضد الحاكم)

السؤال الثانى عشر:
من داخل الميدان خرجت حركه ثوره فجر كحركه أدبيه لتخرج للشارع المصرى وتحتك بالجماهير تؤثر فيهم وتتأثر بهم. ألا تعتقد أن مثل هذه الحركات التنويريه يحتاج إليها الشارع المصرى فى الوقت الحالى بشده؟ ولماذا لا تستعيد هذه الحركه فاعليتها لتشرق فجر الأمل من جديد؟

الإجابه:
طبعا طبعا طبعا طبعا. نحن فى حاجه إلى أفكار مثل ذلك. أنا عن نفسى أعتقد إن أهم حاجه عملتها أيام الثوره هى محاولاتى مع حركه فجر. كنا ننزل بأفكارنا للناس ونعرضها عليهم بأسلوب فنى ومبتكر ونناقشهم فيها وجها لوجه. أكيد أننا فى حاجه إلى إلتحام أكثر بالناس من خلال أعمال فنيه تصل إليهم فى شوارعهم. وهنا انوه أننى لا أقصد هنا التليفزيون. أقصد الإلتحام المباشر، الذى يتيح حوار مباشر حول قضايا بعينها. يعنى مثلا هناك العديد من مشكلات البيئه فى مصر، وأنا أعرف عنها الكثير لأنها مجال دراستى فى الماجستير والدكتوراه. هناك مساهمات جاده للمشاركه فى حلها بمجموعه أفكار مثل مسرح شارع وأراجوز وغيرها من الأدوات الفنيه، التى تعرف أن تمس وجدان الناس عن قرب، ويكون متاح فيها إمكانيه عمل حوار مباشر مع الناس. وممكن أن نتحدث أيضا عن السياسه فى الشارع كما نتحدث عن البيئه. أتمنى أن تقوم الدوله بنفسها بتبنى مشروعات مثل تلك التى طرحت بغيه رفع الوعى لدى الناس وإشراكهم فى مؤسسات سياسيه أو ثقافيه تلبى طموحاتهم وتحسسهم أنهم شركاء بالفعل فى مناقشه ما يحدث وإقتراح حلول له.

تنويه:
تم عقد حفله توقيع لهذا العمل الأدبى. وفى إطار حفل التوقيع تم تمثيل أجزاء من العمل الأدبى من خلال شباب المسرح المستقل وطلبه معهد الفنون المسرحيه.

ملحوظه: المحاوره لم تشارك او تدعو لثوره ٢٥ يناير على الرغم من الاقتناع بمبادئها تخوفا لتحول الثوره إلى ثوره دمويه مثلما حدث مع الثوره الفرنسيه. ويجدر الإشاره أنها كتبت رساله الدكتوراه الخاصه بها فى النموذج الفكرى للتحول فى مرحله ما قبل الطفرات الاقتصاديه والتحولات السياسيه فى المانيا. وقد أشرف على هذه الرساله أ.د. مشيره سويلم رئيس قسم اللغه الألمانيه بكليه التربيه جامعه عين شمس آنذاك وا.د. زيجفريد شتاينمان الأستاذ الزائر الألمانى بجامعه الأزهر آنذاك.وقد تم نشر هذه الرساله عام ٢٠٠٩ فى واحده من أكبر دارات النشر بألمانيا. كما اشتركت عام ٢٠١٠ فى اول مؤتمر الكترونى على مستوى العالم افتتحه بنظام الفيديو كونفرس رئيس الاتحاد الأوروبى وأمين عام منظمه اليونسكو. كما ترأست أحد الجلسات الالكترونيه فى هذا المؤتمر، التى دارت حول النماذج الفكريه فى العلوم الانسانيه لعبور الأزمة العالميه الراهنه بأبعادها الثلاثه ( الفقر والحرب والاغتراب). كما اقترحت وطبقت من قبل الثوره المصريه وحتى عام ٢٠١٥ مشروعا يدعم الأمل لدى الشباب فى إمكانية العبور للمستقبل وإن ساد الظلام. كما دعمت من قبل اندلاع الثوره المصريه فكره انشاء مكتبه سياسيه فى الجامعات المصريه لدعم التربيه السياسه لشباب الجامعات باعتبارها مدخلا رئيسيا لدعم التحول الديمقراطى. ولم يكن قبولها عام ٢٠١١ لتكون عضو مجلس إداره الجمعيه العلميه للكاتب النمساوى الثائر يورا صويفر بفيينا إلا ايمانا منها بدور الثورات الإصلاحيه فى دعم إعاده بناء الإنسان والمجتمع. هذه الثورات الإصلاحيه على المدى الزمنى القصير والمتوسط والطويل عرضها الكاتب الثائر فى أعماله الأدبيه ليستحق عن جداره وإستحقاق أن يتم حفل تأبين له عام ٢٠١٢ تحت رعايه رئيس جمهوريه النمسا لتاكيد تصالح الجهات الأمنيه مع الشباب الثائر فى مراحل ما قبل الطفرات الإقتصاديه والتحولات السياسيه.

تم نشر هذا الحوار أول مرة عام ٢٠١٨ . ونظرا لأهمية محتواه يتم إعادة نشره مرة أخرى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى