العالم لا ينسى لشعب مصر وقفته القوية في الثلاثين من يونيو لكي يقول للإرهاب: لا! ولكي ينهي حكم الجماعة الإرهابية في مصر إلى الأبد
كتبت/هبه محسن غريب
تقدم فضيلة الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي جمهورية مصر العربية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر العالمي لدار الإفتاء المصرية بأبرك التهاني إلى السادة العلماء والمفتين المشاركين في هذا المؤتمر العالمي على عودة هذا المؤتمر الذي تعقده الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بصورة مباشرة بعد التوقف الطارئ الذي فرضته الإجراءات الاحترازية العالمية لتجنب مخاطر انتشار فيروس (كوفيد 19) المعروف بـ (كورونا).
وأضاف فضيلته قائلًا: برغم شدة الأضرار الناجمة عن هذا الوباء، فإننا قد استفدنا أيضًا الكثير من التجارب والخبرات التي تكونت وتراكمت نتيجة العمل الدءوب والتعاون والتكاتف العالمي لمواجهة هذا الوباء. ونحن إذ نقدم هذه التهنئة بعودة المؤتمر للانعقاد المباشر، نرحب أيضًا بالسادة الوزراء والمفتين والعلماء المشاركين من خارج مصر في وطنهم الثاني مصر، ونرجو لهم إقامة سعيدة ومشاركة ناجحة موفقة، ونسأل الله أن يعيننا جميعًا على تحقيق الغاية السامية التي اجتمعنا لأجلها، وهي دفع صناعة الإفتاء في العالم كله إلى مزيد من التقدم والتجديد والتعاون من أجل نفع البشرية.
ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن ظروف “وباء كورونا” الاستثنائية الطارئة ألهمتنا فتح آفاق جديدة وولوج مسارات متطورة في مجال الإفتاء، ولكن بطريقة جديدة مبتكرة، ولفتت أنظارنا إلى أهمية تحول المؤسسات الإفتائية نحو التطوير والرقمنة. ونحن نتفق جميعًا على أن العصر الذي نحيا فيه الآن ذو طبيعة شديدة التغير والتعقيد والتطوير، خاصة في مجال الأفكار الذي يؤثر تأثيرًا كبيرًا في مجريات الأحداث.
وأشار فضيلته إلى إنه لمن أسس التجديد الهامة في مجال الفقه والإفتاء التي تحقق مقاصد الشريعة الغراء؛ التجديد في استعمال وسائل التوصيل المناسبة. ومن ثم برزت فكرة السعي إلى تكوين مؤسسات إفتائية رقمية باستعمال وسائل التقنية الحديثة على أفضل وأتقن ما يكون، ومن هنا جاءت فكرة عقد هذا المؤتمر العالمي الجامع تحت شعار (نحو مؤسسات إفتائية رقمية). راجيًا فضيلته من الله تعالى أن يكون هذا المؤتمر نقطة تحول إيجابي في مسيرة تجديد العمل الإفتائي.
وتوجه فضيلة المفتي إلى السادة العلماء الأجلاء قائلًا: تأتي هذه الخطوة التجديدية الهامة في مسيرة العمل الإفتائي استكمالًا لجهود تجديدية سابقة، تشاركنا فيها وتعاونا عليها، وعملنا بجد وإخلاص معًا تحت راية مؤسستكم الواعدة؛ وهي الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، وقمنا بالتعاون من أجل إعادة صورة الإسلام السمحة إلى وعي العالم كله، بعدما قامت جماعات التطرف والإرهاب بتشويهها. ولقد كان لجهودكم المباركة في السنوات الماضية أثرٌ قويٌّ في جمع كلمة المؤسسات الإفتائية تحت راية واحدة، وتوحيد الجهود لمواجهة هذا الخطر الداهم الذي ألحق الضرر الكبير بالعالم، وعمل على غزو عقول الشباب والانجراف بهم نحو هاوية الأفكار الخبيثة.
وتابع: ولقد كان من فضل الله علينا أن وقفت مؤسساتنا الدينية الوطنية الوسطية في مصر والعالم وقفة قوية صادقة لله تعالى، لا تخشى في الحق لومة لائم، وكان جهادنا في سبيل الله تعالى بالجهر بكلمة الحق المؤيدة بالحجة القاطعة وبالعمل الدءوب الذي أخرج العديد من الأعمال العلمية المتقنة، ومنها الأعمال الموسوعية الكبيرة التي كشفت زيف الأسس الفكرية التي أقامت عليها تلك الجماعات صروح إرهابها وبنيان ضلالها. ولقد قمنا بفضل الله تعالى بإطلاق المنصات الرقمية وعقدنا برامج التدريب المستمرة، وحولنا جميع التوصيات التي كان ينتهي إليها مؤتمركم الكريم إلى مناهج وبرامج ومشروعات قوانين تشريعية، وغير ذلك من الجهود المباركة.
وأضاف فضيلة المفتي: ولا شك أن ردة فعل الأبواق الإعلامية الكاذبة لهذه الجماعات التي تمثلت في نشر الأكاذيب وتشويه صورة العلماء العاملين في دار الإفتاء المصرية، والعلماء المشاركين في الأمانة العامة، ليؤكد لنا أننا نمضي قدمًا في سبيل الله تعالى نحو الطريق الصحيح.
ووجه المفتي من خلال هذا المؤتمر العالمي عدة رسائل لها شأنها وأهميتها في مسيرة عملنا المؤسسي الإفتائي التجديدي، ولها خطرها أيضًا في مستقبل شعوبنا من أجل نشر قيم الوسطية والقضاء على التطرف والإرهاب بإذن الله تعالى:
الرسالة الأولى أوجهها إلى فخامة السيد الرئيس القائد عبد الفتاح السيسي -حفظه الله تعالى ورعاه:
يا سيادة الرئيس، أقولها لله تعالى ثم للتاريخ، لقد أدركتم -سيدي الرئيس- بثاقب نظركم، وعميق فكركم، وبقلبكم المخلص الصادق، وبفهمكم العميق الواعي لتعاليم ديننا الحنيف وقيمه، ما تمثله أفكار هذه الجماعات الإرهابية من خطر عظيم يهدد العالم بأسره، ويقوض الأمن والسلم العالميين، ويسعى للقضاء على قيم سامية شريفة كالتسامح والتعايش والتراحم بين الناس جميعًا، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي؛ قيم نبيلة شريفة أنزلها الله في كتابه الكريم، ورسخها رسول الإنسانية ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، فتجسدت في أقواله وأفعاله الشريفة وأخلاقه العظيمة تجسيدًا حيًّا لم يتحقق لبشر غيره قط، فهو الذي قال فيه ربه: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}. ومن مشكاة هذا الهدي النبوي الشريف ناديتم -فخامة الرئيس- في أكثر من خطاب ومناسبة بدعواتكم الشريفة المتكررة الملحة من أجل ضرورة تجديد الخطاب الديني، وأطلقتم يا سيادة الرئيس نداءات التحذير الصريحة الواضحة من الخطر المحدق بالعالم كله جراء انتشار الأفكار الإرهابية التي هي أشد فتكًا وتدميرًا من خطر السلاح والمتفجرات.
وكانت الاستجابة الفورية من دار الإفتاء المصرية ومن الأمانة العامة وعلمائها حول العالم، لتحويل دعوة سيادتكم -سيادة الرئيس- لتجديد الخطاب الديني إلى برامج عمل علمية وخطط مشروعات موسوعية وبحثية، سرعان ما خرجت إلى جميع أقطار الأرض، واستفاد منها القاصي والداني، حتى وصلنا بفضل الله تعالى ثم بفضل دعمكم -فخامة الرئيس- إلى ما تحدثنا عنه سالفًا من إنجازات مباركة، أثرت في مسيرة تجديد الخطاب الديني تأثيرًا إيجابيًّا ملموسًا، ولا زلنا على الطريق، بإذن الله تعالى؛ كي نستكمل المسيرة المباركة في خدمة الوطن والدين والإنسانية تحت قيادتكم المباركة سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي -حفظه الله.
يا سيادة الرئيس، إن كل إنسان منصف عاقل متجرد عن العصبية والهوى، ليدرك بوضوح وجلاء ما أجراه الله تعالى من خيرات وفيرة، وفتوحات مباركة عميمة على هذه البلاد المباركة من أمن وأمان وسكينة واستقرار، وإننا بكل تجرد وإخلاص لندعم مواقفكم الرصينة الشجاعة، وخطواتكم المباركة، واستراتيجيتكم الحكيمة في التعامل مع قضية سد النهضة، بما يحقق الاستقرار والأمن المائي لدول حوض النيل قاطبة من المنبع إلى المصب، وما عهدنا عليكم يا سيادة الرئيس -والله حسيبكم- إلا الحرص على أمن مصر الداخلي والقومي، وإن السكينة لتملأ قلوبنا والطمأنينة تعم أرواحنا وأنتم تعبرون بمصر من نصر إلى نصر، ومن عز إلى عز، ومن مجد إلى مجد… فسر يا سيادة الرئيس على بركة الله، سر يا سيادة الرئيس، فلا كبا بك الفرس بإذن الله، سر يا سيادة الرئيس، ونحن جندك الوفي المخلص في خدمة وطننا العزيز مصر.
والرسالة الثانية إلى السادة المفتين والوزراء والعلماء والباحثين المشاركين في المؤتمر، وأخص بالذكر علماء دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: لقد وفقكم الله تعالى لتحمل مسئولية عظيمة، لا يصطفي لها إلا أفاضل العلماء. وكنا -ولا زلنا، وسوف نستمر بإذن الله تعالى- نعمل جنبًا إلى جنب صفًّا واحدًا في خدمة الدين والوطن لأجل نشر المنهج الوسطي. ولقد بددت جهودكم المخلصة الدءوبة الكثير من ظلمات الجهل والإرهاب، ولا زالت الأمة الإسلامية تأمل فيكم الخير الكثير، وترى في مؤسستكم وفي فتاواكم وفي أحاديثكم الإعلامية المنقذ من الفتنة التي حاولت جماعات التطرف إشعال نيرانها في كل مكان، ولقد تحملتم الكثير من الابتلاءات من أجل بلوغ تلك الغاية التي أقامكم الله فيها، ووفقكم إلى بلوغها، وكنتم أحق بها وأهلها.
الرسالة الثالثة أوجهها إلى شعب مصر الكريم: أيها الشعب الحضاري العظيم، كنت دوما مصدرا للعلم والحضارة والثقافة، فكم أخرجت إلى البشرية من علماء أفذاذ، ومفكرين كبار، وقادة عظام، وكنت بحق مصدر إشعاع حضاري عبر التاريخ، ولا زلت تبهر العالم بما تحققه من إنجازات تحت قيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن العالم لا ينسى لشعب مصر وقفته القوية في الثلاثين من يونيو لكي يقول للإرهاب: لا! ولكي ينهي حكم الجماعة الإرهابية في مصر إلى الأبد، ولكي يضع نهاية حاسمة لحالة التراخي والتردد التي حظيت بها تلك الجماعات لفترات وحقب طويلة. فتحية من القلب لشعب مصر العظيم؛ صانع الحضارة منذ فجر التاريخ.
واختتم فضيلته كلمته بتوجيه رسالة إلى السادة العلماء المشاركين في هذا المؤتمر الجامع قائلًا: كنتم دائمًا عند حسن ظن الأمة بكم، وضربتم أروع الأمثال في الثبات على تبليغ كلمة الله إلى العالمين، ولم تتهيبوا ما ألقي في طريقكم من عراقيل، وكانت مسيرة الأمانة العامة تزدهر بكم، وتتطور بفضل جهودكم، وأنتم اليوم على ثغر عظيم من ثغور الإسلام الوسطي، وقد اجتمعتم من أجل تطوير مسيرة العمل الإفتائي العالمي نحو الرقمنة؛ لتكوين مؤسسات إفتائية رقمية حديثة، وسوف يخلد التاريخ ما تقومون به من جهد وجهاد، وكلي أملٌ في الله تعالى الذي حقق على أيديكم الكثير من الإنجازات العظيمة للأمة الإسلامية، بل لسائر البشرية، أن يكون إنجاز هذا العام كما تعودنا منكم في الأعوام السابقة، من تقديم أبحاث علمية جادة، والمشاركة في ورش عمل، ومناقشات، وإعداد توصيات تتحول دائما بفضل الله تعالى إلى برامج عمل وتدريب.