كفاك يا كورونا.. بقلم عبد الحميد أبو الفضل

من أنت يا كورونا، ومن أين أتيت، ولماذا أتيت دون استئذان، وما أهدافك، ولماذا أتيت فى هذا التوقيت؟ جئت لا تفرق بين صغير أو كبير، ولا غني وفقير، ولا بلد وآخر، بل انتشرت بأسرع ما يكون؛ لتصبح أشهر مخلوق على وجه الأرض، إنها أسئلة كثيرة يوجهها لك العالم أيها المخلوق الضعيف القاتل.

لو كنا نعلم موعد زيارتك، كنا طبخنا لحضرتك لقمتين مضاد حيوي، وقدمنا لك بعض العصير والفيتامين، وكنا جهزنا لك مكانًا تبيت فيه بعيدًا عن الرئتين، اللتين لا حول لهما ولا قوة، ألم تعلم أن من جاءنا من زوار مثلك لم يكونوا ببطشك، ولكن تغلبنا عليهم، أما أنت بالرغم من وصفك بالضعيف لكنك شرس قاتل.
بحث العلماء والخبراء عن حقيقتك، هل تم تخليقك في المعامل، أم أنك تطور طبيعي؟ كفاك فخرًا أنك طويت العالم أجمع، وفصلت أجزاءه فى سويعات قليلة، لكنك للأسف منعت الصلاة فى دور العبادة، ومنعت الزيارات بين العائلات، وقضيت على التجمعات والأحضان والقبلات، وألغيت قاعات الأفراح والعزاء، ونجحت في إغلاق المقاهي والكافيتريات ودور السينما والمسارح والملاهي.

لقد جعلت الجميع في رعب وهلع؛ حتى من ظنوا أنهم قادرون على كل شيء، بما وصلوا إليه من ذكاء اصطناعي وخلافه، وأصبح لك بورصة عالمية، يلتف حولها العالم، يتابعون عدد المصابين، وعدد المتوفين، وعدد من شفاهم الله من براثنك.

لقد اكتشفنا أننا أمامك أضعف مما كنا نتخيل، واتضح أن علمنا لا يمثل نقطة في بحار العلم، وتمثل فينا قول ربنا سبحانه وتعالى: ” وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا “، لقد أصبحنا: علماء وأطباء، وخبراء فيروسات، عاجزين عن مواجهتك، كنا نعتقد أننا- بما وصلنا إليه من علم- قادرون على مواجهة أي أخطار تهددنا، لكنَّ الله أرسلك ضعيفًا، ثقيل الوزن؛ ليبين لنا عجزنا جميعًا.
لقد خدعتنا الدنيا برونقها وحضارتها، وتعلقنا بأسوأ ما فيها، فسفكنا الدماء، وجاءتنا الفتن كظلمات الليل، فحاربنا بعضنا البعض لأتفه الأسباب، يأكل فينا القوي الضعيف، وأصبح في الدنيا عالم متقدم وعالم نامي، نتآمر على بعضنا البعض، وتنافسنا على شراء الديناميت، والكيماويات، وأسلحة الدمار الشامل، والصواريخ العابرة للقارات، والأسلحة الفتاكة ليقتل بها القوي الضعيف.

لقد جعلتنا جميعًا غير راضين عن أنفسنا، ولا أفعالنا، بعد أن قست قلوبنا، وجمدت عيوننا.. ألم يكفك ما فعلته حتى الآن من آلام للعباد فقتلت من قتلت، واصبت من أصبت، ورعبت من رعبت؟! إن ما فعلته كان كالسياط التي ترد الشارد إلى الصراط المستقيم، وتُلهم المؤمن التضرع إلى الله، وتؤكد له حقارة الدنيا التي نتكالب عليها؛ إذ يقول نبينا الله صلى الله عليه”: ” لو كانت الدُّنيا تعدِلُ عند اللهِ جناحَ بعوضةٍ ما سقَى كافرًا منها شرْبةَ ماءٍ”؛ لذا نقر بعجزنا أمام قدرة الله القوي المتين العزيز الذي لا يُغلب.

يارب يا حي يا قيوم، بك نستغيث من كورونا، ومن يُغيث سواك، فارحم ضعفنا، واجبُر كسرنا، وتولَّ أمرنا، وارفع عنا هذه الغُمَّة، وبارك لنا في شعبان، وبلغنا رمضان مُعافين في ديننا، وأبداننا، وأهلينا، وأحبابنا، وهيئ لنا من أمرنا رشدًا، ورد إلينا المساجد ردًا جميلًا، وارزقنا بصلاة التراويح فيها، واجعل شهر رمضان نهاية لفيروس كورونا الذي هو جند من جندك، يأتمر بأمرك، فلا حول لنا ولا قوة إلا بك.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على Mostafa Ali إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى